كان "العصر الحجري النحاسي"، المعروف أيضًا باسم الانتقال المعدني، فترة حاسمة في تاريخ البشرية شهدت تحولا كبيرا في تطور المجتمعات القديمة. بدأ هذا العصر حوالي عام 4500 قبل الميلاد واستمر حتى القرن الثالث عشر قبل الميلاد تقريبًا. تميزت هذه الفترة بالتحولات البيئية والثقافية التي مكنت الإنسان البدائي من الوصول إلى مهارات جديدة وتقنيات مبتكرة بشكل ملحوظ.
واحدة من أهم الخصائص لهذه الحقبة هي استخدام المعادن لأول مرة لإنتاج أدوات ومعدات يومية. إن اكتشاف القدرة على استخراج النحاس ومعالجته شكل نقطة تحول رئيسية في الحياة اليومية للناس آنذاك. سرعان ما أصبح النحاس أكثر شيوعا من الأدوات المصنوعة من الحجر، مما سمح بتطوير أدوات ذات متانة أكبر ودقة أعلى مقارنة بما سبقه. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت مجموعة واسعة من الصناعات المرتبطة بإنتاج وصناعة النحاس، مثل الزراعة والحرف اليدوية المتقدمة.
بالإضافة إلى الانتقال نحو معالجة المعادن، شهد عصر الحجر-النحاس تطورات كبيرة أخرى أثرت على نمط حياتهم وعيشهم. بدأت المجتمعات في تنظيم نفسها بشكل أكثر تنظيما وظهور نظام طبقي اجتماعي بسيط. علاوة على ذلك، ازدهر الفنون الجميلة خلال تلك الأوقات؛ فقد برز فن الرسم والنحت بصورة مميزة عبر العديد من المواقع الأثرية الموجودة حول العالم والتي تعود لحقب زمنية مختلفة ضمن دائرة هذا العصر الرائد.
وفي الجانب الديني، كانت هناك تغييرات مهمة أيضا. حيث اعتمدت الشعوب في تلك الحقبة نظاما دينا جديدا يسمح بممارسة الطقوس الجنائزية الأكثر تعقيدا وأكثر احتفالا باعتباره جزءا أساسيا من ثقافتهم الجديدة الناشئة. كما شوهد ارتباط وثيق بين الاعتقاد الديني والاستخدام العملي للمعرفة المكتسبة حديثا فيما يتعلق بالحياة والموت والجوانب الروحية الأخرى للحياة الإنسانية.
بشكل عام، يعد العصر الحجري النحاسي مرحلة انتقالية هامة جداً بين عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية المبكرة مباشرة بعدها. ولعبت دور محوري في تشكيل أسس حضارتنا الحديثة وما نتج عنها من تقدم تكنولوجي وفكري واجتماعي واقتصادي كبير لاحقاُ.
