الملك الحسين بن طلال، الراحل الكبير وعراب الإصلاح السياسي والأقتصادي, ترك إرثاً هائلاً ساهم بشكل كبير في تشكيل مسيرة الأردن الحديث وتطوره. منذ توليه العرش عام 1952، قاد الملك الحسين البلاد بثبات وإصرار نحو تحقيق الوحدة الوطنية والنماء الاقتصادي والاستقرار السياسي.
في فترة حكمه الطويلة التي امتدت لأكثر من أربعة عقود، عمل الملك بلا كلل لإحداث ثورة تنموية شاملة شملت مختلف القطاعات. كانت رؤيته الثاقبة واضحة عندما قام بإعداد خططه الاستراتيجية لتنويع القاعدة الاقتصادية للأردن، مما أدى إلى توسيع نطاق الصناعة الزراعية والثقيلة والبنية التحتية بقوة. كما أسس العديد من المشاريع الكبرى مثل شركة الكهرباء الأردنية وشركة الهاتف الخلوي التي لعبت دوراً أساسياً في تحويل اقتصاد المملكة.
بالإضافة لذلك، حرص الملك الحسين على تعزيز التعليم كأداة رئيسية للنمو المستدام. تحت توجيهاته، شهد الأردن تطوير نظام تعليمي حديث مع زيادة كبيرة في معدلات الأمية ومعدلات التحاق الأطفال بالمدارس - خاصة الفتيات - والتي عززت مكانتهم في المجتمع وأقامت قاعدة متينة للديمقراطية والمساواة.
على الصعيد العالمي، كان للحسين دور فعال في الجهود الدولية لتحقيق السلام. لقد مهد الطريق لاتفاقات كامب ديفيد الشهيرة بين مصر واسرائيل، وكان له جهود مستمرة لدفع عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية حتى آخر أيام حياته. وقد مُنح جائزة نوبل الليبرالية تقديرًا لمجهوده المتواصل نحو تحقيق سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط.
وفي المجال الداخلي، سعى الملك الحسين باستمرار لتوسيع حقوق الإنسان والحريات السياسية. وفي عهده، تم اعتماد دستور جديد عام ١٩٥٢ يعكس القيم الحديثة لحكم القانون والمجتمع المدني الحر. وعلى الرغم من التحديات العديدة التي واجهتها المنطقة خلال هذه الفترة المضطربة تاريخيًا، ظل حازمًا في دفاعه عن سيادة الوطن ووحدته الوطنية.
لقد ترك الملك الحسين بصمة خالدة ليس فقط داخل حدود الأردن ولكنه أيضًا كان صوتًا ملهمًا للشعب العربي والعالم أجمع بأسره. رحيله المفاجئ يوم الثاني من فبرايرعام١٩٩٩ خلف فراغا عميقاً لكن تأثيره وبصماته ستظلان دائما جزءا لا ينفصل عن تاريخ وثقافة وطنه الغالي الأردن .