استكشاف الفلسفة الطبيعية يتعدى مجرد فهم الظواهر الطبيعية؛ إنه يضم أيضًا الاعتبار الدقيق للأخلاق والقيم الإنسانية التي قد تؤثر بشكل غير مباشر على الطريقة التي نرى بها العالم الطبيعي ونحاول إدراكه. هذه الصلة بين الأخلاق والفلسفة الطبيعية ليست مصادفة، بل هي انعكاس لطبيعة الإنسان ككيان اجتماعي وفكري معقد يستمد قيمه ومعتقداته من محيطه البيئي والعلاقات الاجتماعية.
الفلاسفة الذين يعملون ضمن إطار الفلسفة الطبيعية غالبًا ما يشيرون إلى مفاهيم مثل العدالة والمسؤولية والتواصل البشري باعتبارها عناصر أساسية لتفسير كيفية عمل النظام الطبيعي وكيف يمكن للإنسان التأثير فيه بطرق أخلاقية وروحية. هذا النهج يوسع النطاق التقليدي للفلسفة الطبيعية ليشمِل ليس فقط العلوم الطبيعية ولكن أيضاً دراسة العلاقات المتبادلة بين البشر وبيئتهم الطبيعية.
على سبيل المثال، يُعتبر جون رولس وهو واحد من أشهر فلاسفة القرن العشرين ذو تأثير كبير في مجال الأخلاقيات السياسية، أحد نماذج كيف يمكن دمج الأفكار الأخلاقية داخل النظرية الفلسفية العامة. كتابه "نظرية العدالة" يعرض رؤية فلسفية تجمع بين الأصول الكانطية للواجبات والأمور الحقوقية وأيضا الاستخدام العملي لمبدأ الاختيار الغامض لتحليل المشكلات المجتمعية المعقدة. هنا، يتم استخدام المفاهيم الأخلاقية كأساس لفهم طبيعة الدولة والديمقراطية وبالتالي لها ارتباط مباشر بالفلسفة الطبيعية الشاملة التي تتضمن الجوانب الاجتماعية والثقافية بالإضافة للعلمية الصرفة.
بالإضافة لذلك، فإن المناقشة حول قضية حماية البيئة تعد مثالاً آخر على تعميق أهمية القيم الإنسانية في الفلسفة الطبيعية. إن عملية الحفاظ على البيئة تحتاج لأخذ العديد من جوانب الحياة البشرية بعين الاعتبار بما فيها الجانب الاجتماعي والاقتصادي وكذلك الثقافي والمعرفي. بهذا السياق، تصبح القضايا البيئية جزءاً لا يتجزأ من النقاش العام حول أخلاقيات سلوك الإنسان تجاه الأرض وما عليها مما ينتمي إليها من حيوانات ونباتات وغيرها من أشكال الحياة المختلفة.
معنى هذا هو أنه رغم وجود تاريخ طويل ومتشعب للمناقشة العلمية بخصوص الظواهر الفيزيائية والكيميائية وعلم الأحياء وغيرها عبر التاريخ الأوروبي القديم وفي أوروبا الحديثة ومن ثم في الولايات المتحدة الأمريكية وبعد ذلك توسعها عالميًا اليوم - إلا أن هناك حاجة متزايدة لإعادة النظر فيما يسمى بالقيم الإنسانية وكيف أنها مرتبطة بشكل عميق بتلك الدراسات نفسها والتي عادة ماتكون خارج دائرة اهتماماتها الواسعة سابقًا خاصة عندما نتحدث عن الهدف النهائي لهذه الدراسات وليس فقط الوسائل العملية منها . وهذا يتطلب المزيد من التفاعل المستمر بين مختلف حقول المعرفة بهدف بناء وجهة نظر أكثر شمولًا للتحديات العالمية المعاصرة وحالات عدم اليقين الاقتصادي والاجتماعي والنفساني والسياسي كذلك . وهكذا تستطيع الفلسفات المختلفة بما فيها تلك المرتبطة بالأفعال والسلوك الإنساني تقديم طرق جديدة تفيد شركائها فيما يعرف الآن بفلسفة علم الاجتماع المقارنة والحركات الأكاديمية المتجددة الأخرى ذات التركيز الشامل والمستقبلي نحو مستقبل الانسان المبني علي التربية الاخلاقيه وتنميه العقل المنطقي والاستنباط العقلي السليم . إنها دعوة مفتوحة أمام كل متخصص جديد لدعم هذا الاتجاه البحثي المتنامي والذي يقود الطريق لبناء مجتمع أكثر سعادة وعدلا واستدامة لكل فرد منه .