كان الموحدون سلالة حاكمة مؤثرة في التاريخ الإسلامي، أسسها محمد بن تومرت في القرن الثاني عشر الميلادي. سميت الدولة باسم "الموحدين" لأنها كانت مبنية على مبادئ الوحدة والتزام واضح بالعقيدة الإسلامية الصافية لأهل السنة والجماعة.
محمد بن تومرت، الرجل الذي أصبح محور هذه الحركة، ولد في قرية صغيرة تُدعى إيجلي آن وارغن. رغم عدم الاتفاق الكامل بين المؤرخين بشأن تاريخ ميلاده الدقيق، يعتقد الكثير أنه إما ولد في العام 485 هـ أو 471 هـ. هذا الإمام والفيلسوف كان له تأثير عميق على مسار تاريخ المنطقة.
عبد المؤمن بن علي، مؤسس الدولة بشكل أكثر رسمية، نشأ في كنف عائلة بربرية متواضعة في مدينة وهران الجزائرية. بعد دراسته العميقة للأدب والشؤون الإسلامية في مراكز التعلم بالمشرق العربي، انضم إلى دعوة ابن تومرت للتجديد الديني والعودة إلى مبادئ الإسلام النقية.
بدأت حملة الموحدين ضد سلطة المرابطين الذين كانوا يحكمون المغرب آنذاك. تحت زعامة عبد المؤمن، انتصروا الموحدون ببطولات ملحمية حتى امتدت سلطتهم لتشمل معظم مناطق شمال أفريقيا والأندلس. لكن سرعان ما بدأت عوامل مختلفة تعمل ضد ثبات دولتهم.
سوء استخدام السلطة والقوة عبر سفك دماء كبيرة، الانحراف التدريجي عن العقيدة الأصلية، ظهور ثورات داخلية مثل تلك التي قادتها قبيلة بني غانية، إضافة إلى الفساد والإسراف في الترف كلها تساهم في انهيار الدولة التي شهدت فترة من القوة الهائلة قبل زوالها.
رغم ذلك، فقد ترك الموحدون بصمات واضحة على الحياة الثقافية والعلمية للمنطقة خلال حكمهم الطويل نسبياً والذي دام حوالي خمسة عشر عقداً تقريبًا.
