على الرغم من وجود خطوط واضحة تفصل بين مجاليّ العلم والثقافة، إلا أنهما ليسا منفصلين تماماً؛ فكل منهما يعتمد بشكل كبير على الآخر ويؤثر فيه بطرق مختلفة ومتنوعة. بينما ينصب تركيز العلوم على الفهم المنظّم للطبيعة والمجتمع باستخدام الطريقة التجريبية، فإن الثقافة تتضمن مجموعة الأنماط والسلوكيات والمعتقدات التي يعيش بها مجتمع ما كجزء من تراثه المشترك.
في حين أن العلم يسعى نحو الحقيقة القابلة للتحقق عبر التجارب والدراسات البحثية، تعتبر الثقافة مرآة تعكس قيم ومبادئ المجتمع الإنساني. ومع ذلك، يمكن لهذا التقارب الوثيق أن يؤدي إلى تبادل ثري للرؤى والإلهام: فقد يستلهم الباحثون الثقافات لمواجهة أسئلة جديدة في بحثهم العلمي، ويساهم علماء الاجتماع بالمعرفة حول كيفية تأثير الأفكار الجديدة ثقافيًّا واجتماعيًّا.
على سبيل المثال، علم الفلك الغربي الحديث استعار مفهوم "الأرض مركز الكون" من اليونان القديمة قبل إثبات خاطئة هذا الاعتقاد لاحقا بناءً على حقائق تجريبية. كذلك، أثبت التحليل الجيني الحديث العديد من النظريات الثقافية المتعلقة بتاريخ الهجرة البشرية حول العالم منذ آلاف السنين.
وبالتالي، رغم اختلاف أسلوباتهما وأهدافهما الرئيسية، فإن العالم اليوم يشهد مدى اعتماد كل من العلم والثقافة على بعضها البعض لتوفير فهم أكثر شمولية ودقة للعالم المحيط بنا. وهذا التأثير المتبادل يدفعنا لإعادة النظر باستمرار فيما نعرفه وكيف نسوَّقه للحفاظ على ادراك شامل وشامل لكل جوانب الوجود المعقد.