في يوم تاريخي لا يُنسى، خرج موكب مبهج يضم 22 مومياء ملكية مصرية قديمة من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة الوطنية بالقاهرة الجديدة، وسط إجراءات أمنية وعرض عسكري مهيب يعكس براعة وحضارة حضارة الفراعنة. هذه العملية الجريئة والملهمة التي لاقت اهتماماً عالمياً كبيراً تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز السياحة الثقافية ورفع مستوى الوعي بثراء وتنوع التراث المصري القديم.
بدأت المسيرة البطولية الساعة السادسة مساءً بتاريخ 3 أبريل عام 2021 الموافق الثاني عشر من شهر برمهات للعام القبطي 1737، وذلك تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد سنوات طويلة من العمل الدؤوب لإعادة اكتشاف وحفظ آثار هذه الشخصيات البارزة وأرشفتها بشكل علمي دقيق. وقد شاركت فيها مختلف السلطات المعنية بما في ذلك وزارة الآثار وشركة "أوراسكوم كونستراكشون"، والتي قامت بتجهيز النقل المتخصص لهذه الأثار الثمينة باستخدام سيارات مصفحة ذات مواصفات عالية لحماية الضيوف الهائلين الذين حملوا عبء الماضي العريق.
ومن أبرز الأفراد المدفونين بين تلك المجموعة الرائدة كانت زوجتي الفرعون رمسيس الثاني، وهي نفرتاري وآمتحتب، بالإضافة إلى حكام آخرين مثل خفرع ودفنخور وخع-كا-ريس-نفرو وزوسر وغيرهم الكثير ممن قضوا حياتهم عبر قرون مضت في خدمة المملكة وإدارتها بحكمة وبأس. كما تضمنت قائمة الشرف العديد من الأميرات والفراعنة الشباب والشيوخ أيضاً مما يعطي فكرة رائعة حول تنوع المجتمع المصري آنذاك.
وقد تألقت مراسم الترحيل بمشاهد مذهلة لنقاط الشرطة وفروع الجيش المصطفة بطريقة استراتيجية لتشكيل طريق رسمته الطائرات العملاقة المنخفضة فوق رؤوس الأشجار الخضر تناقش معها أشعة الشمس الصفراء لتزيّن المشهد المبهر. علاوة علي ذلك فقد ساهم ظهور الموسيقى العربية والإيقاعات التقليدية المحلية بالألحان الشرقية الصاخبة جنباً إلي جنب مع ألعاب الليزر الملونة المنتشرة ползйام السماء في إضافة لمسة فريدة وجذابة للموكب الاحتفالي الذي امتلئت شاشته بالتلفزيون العالمي بنسبة مشاهدة قياسية بلغت حوالي مليون شخص.
وفي نهاية رحلتها الطويلة حققت مسيرة موكب نقل المومياوات هدفها الرئيسي وهو الانتقال النهائي لأهل الأجداد الأعزاء ضمن أبشع فنون التصميم الداخلي المذهلة داخل جدران بيت جديد تم تجهيزه خصيصا لاستقبال ذكريات عظماء الماضي وسيرتهم الذاتية الغنية للتاريخ الإنساني الحديث والمعاصر للإنسانية جمعاء. إنها بذلك ليست مجرد إعادة توطين للأخطبوطات بل هي أيضا رسالة مفادها قدرتنا كمجتمعات بشرية حديثة بأن نتعلم ونعتز بجذور identiteالتوانتنا وأن نحافظ بدورينا على تراثنا القومي محفوظاً ومحمياً حتى يستمر في التألق والحياة رغم مرور القرون التي تغرق بها صفحات الكتب الصفراء ويظل نصب اعيننا رمزاً للحضارات الناجحة المعتادة بالإنجاز والسعي المستمر للقمة والرقى .