قيس بن الملوح، المعروف باسم "مجنون ليلى"، شخصية بارزة في الأدب العربي القديم. هذا الشاعر الغزلي اللامع عاش حباً عميقاً وعاطفة صادقة تجاه ليلى بنت سعد، ابنة قبيلة العامرة. وعلى الرغم من أنه لقّب "بالمجنون" بسبب شدة عاطفته وطابع جنوني لعلاقته بها، إلا أن الجنون هنا يعني فقط حالة الهيام والحب الشديد وليس فقدان العقل.
نشأة قيس بن الملوح كانت في منطقة وادي الحجاز، بين مكة المكرمة والمدينة المنورة. هناك، بدأ مشروعه الطويل والمكلف نحو تحقيق حبه لليلى منذ سن مبكرة. ومع نمو علاقتهم، اتسعت دائرة عزله وتعاسته بشكل ملحوظ. ولكن رغم كل العقبات والصراعات الداخلية والخارجية، ظل محتفظاً بشرارة العشق تلك حتى نهايته المؤلمة.
تشير عدة روايات حول كيف تعرف قيس وليلى لأول مرة. إحدى النسخ تقول إنهما التقيا عندما كانا يرعيان مواشيهما بالقرب من جبل الثوبان. أما رواية أخرى فهي تبدو أكثر درامية: بينما كان قيس يسافر عبر صحراء الجزيرة العربية ذات يوم، قابل مجموعة من الفتيات جميلات الوجه. وبعد تبادل التحايا والتحدث معهم بإيجابية، صدم حين رأى نفس هؤلاء الفتيات ينشغلن بفارس آخَر ويتركنَه وحيدا. شعر بالإهانة والإحباط مما دفعه للتعبير عن حالته الحرجة بصراحة في قصائده الشعرية. لذلك توجه صباح اليوم التالي لنفس الموقع ولكنه بدلاً ممن قبلںْ شعر بوجود فتاة واحدة هي ليلى التي يبدو أنها قد شعرت باضطراب داخله وتحاول مساعدتها له بإظهار اهتمامها الشخصي نحوه وإعلامه بمشاعرها الخاصة فيه أيضاً! لكن رد فعله الأولي لهذه الأخبار المفاجئة جاء مغلق للعالم الخارجي تماماً - بل لقد أصابه الإغماء! فيما توضح نسخة ثالثة الصورة بأن ميول القيس الطبيعية جعلت من ليلى هدفاً واضحاً نظراً لجلباب الجمال الفريد والذي يتمتع به آل بيتها عامةً.
ومن أشهر أبياته قوله:"فؤادي بين الأضلاع غريب / ويتذكر أيام الدراسة القديمة ولدي/ وأنظَرَ إلى نجوم الليل الزاهرة ولا أكتم سر قلبي المتعلق!" بالإضافة لعبارة اخرى تجسد مدى قوة انتمائه لها : "لقد طلب منهم إن سألوا عن سبب اختياراتي لهم فسوف اجيب ان عطشانٌ للوصال". وهكذا استمرت حياته مليئة بالألم والأحزان لأنه ضحية هواه غير المشروع وغير المعتمد اجتماعياً آنذاك.
وفي النهاية مات وحيداً في موقع مستتر وسط البراري والعراء ،حيث اكتشف الناس جثمانه ودفنوه داخل أرض الوطن بمكان وفاتِـه التاريخ المحدد لتلك اللحظة وقع تحديد تاريخ وفاته بما يقارب العام ٦٥ هجري .