محمد بن ظفر، المعروف باسم "مقنع كندة"، ينتمي إلى العائلة الهاشمية العربية القديمة عبر نسب طويل يصل إلى قحطان. وهو ابن عمير بن أبي شمر، ويعتبر أحد الشخصيات البارزة من قبيلة كندة، التي كانت معروفة بكرمها وشجاعتها. يشتهر "الحارث الولادة"- الاسم الآخر للمقنع due to كثرة أبنائه- بشخصيته الإنسانية الجميلة ومواهبه الأدبية المتنوعة. رغم أنه ولد في ظل فقر وأزمات مادية جعلت حياته مليئة بالتحديات، إلا أن موهبته الشعرية كانت مصدر قوة واستمرار له.
اشتهر المقنع بإنتاج القصائد المؤثرة التي تتناول مواضيع مختلفة مثل الحكم والحماس والفخر والغزل. وصفاته الشخصية مثل الكرم والتسامح جعله شخصية تحظى باحترام كبير بين أهل زمانه. حتى عندما فقد كل ثروته بسبب عطائه غير محدود للآخرين، حافظ على كبريائه وثبات شخصيته الطيبة. هذا الثراء الداخلي والعطاء بلا حدود هم الأسباب الرئيسية لتوجهات شعره التي تعكس عفويته وحسه الوطني.
ومن أشهر قصائدة تلك التي يدافع بها عن نفسه ضد الانتقادات بسبب إسرافه في إنفاق المال، وكذلك قصيدة أخرى تمجد فيها خيله وفروسيتها. يقول في إحدى قصائده الشهيرة: "لَا أَحْمِلُ الحِقْدَ القَديمَ عَلَيْهِم وَلَوْ كَانُوا الرَّءيسَ مَن يحمِلُ الحِقْد". أما في قصة أخرى فهو يؤكد قدرته على حمل ديون قومه قائلاً: "أسد بما قد أخلت وضيعوا غور حقوق ما أطاقتهم لذلك سددا".
إن حياة المقنع الكندي هي دليل حي على كيف يمكن للأفراد الذين يتمتعون بالإرادة والصبر والشجاعة الداخلية تجاوز العقبات وأن يصنعوا مكانتهم الخاصة بهم بغض النظر عن الظروف الخارجية.