يعتبر شارع الاستقلال، الواقع في قلب حي تقسيم الشهير بمدينة إسطنبول، واحدًا من أكثر المواقع ازدحامًا وأبرز معالم المدينة السياحية. ومع اتساعه الذي يصل إلى حوالي ثلاثة كيلومترات، فهو يشكل شريان حياة نابض بالحركة بين ساحة تقسيم الرئيسية ومنطقة النفق عند برج غلطة البارز. إن هذا الشارع ليس مجرد مساحة للتجوال ولكنه تجربة متكاملة تجمع بين الثقافة والتاريخ والتراث الحديث والمعاصر.
في كل خطوة في شارع الاستقلال، يمكنك اكتشاف جوانب مختلفة ومتنوعة تضفي عليه رونقه الخاص. أول محطاتك هي "ممشى الزهور"، المكان الذي تحولت قصصه التاريخية إلى لوحة طبيعية خلابة بمزيجه الرائع بين الهندسة المعمارية المحلية والعصرية. هنا، ستجد نفسك محاطاً بالمقاهي الرقيقة والمطاعم المتنوعة ومصانع النبيذ التي توفر أماكن مثالية للاسترخاء والاستمتاع بالعروض الحية والموسيقى الخلفية الجميلة.
ثم تتوجه عيناك نحو دار سينما ميجستيك Majestic Cinema، والتي تعتبر مثالاً رائعًا للهندسة الحديثة وكيف يمكن دمجها بسلاسة مع الطابع التاريخي القديم لإسطنبول. تقدم هذه الدار خياراً فريداً لمحبي الأفلام العالمية والعربية، مما يعكس مدى التزام المنطقة بتوفير تجارب ثقافية مميزة لكل الزائرين.
وببلوغك أعلى نقطة في رحلتك داخل الشارع، ينتظر برج غلطة Galata Tower لتقدم لك إطلالة مذهلة بزاوية ٣٦٠ درجة تغطي أرجاء المدينة كافة. تمتاز هذه القطعة الأثرية التي تعود جذورها لما يقرب من سبعة قرون بخدمتها كمصدر معرفي حي لإسطنبول القديمة وللتاريخ العثماني أيضًا.
وفي نهاية الجولة، يصل الرحالة إلى متحف غلطة درويش خانé Galota Dervish House Museum - مكان يستذكر الزمن الماضي ويدرس تفاصيله الصغيرة بروحانية تقديس محفوظة عبر القرون. يحتفظ بين جنباته بآثار الماضي العظيم للإمبراطوريتين البيزنطية والعثمانية، بالإضافة إلى قطع نادرة أخرى تعكس التقاليد والحياة الاجتماعية للشعب التركي منذ القدم حتى الوقت الحاضر.
بالإضافة لذلك، تعد مكتبة الشارع جزء أساسي من تجربة الزائر الراغب بقضاء لحظات هادئة مليئة بالقراءة المستترة ضمن جو هادئ وساحر. تقدم مجموعة كبيرة من الكتب بلغات مختلفة تشمل العربية والإنجليزية، كما تحتوي كذلك على قسم خاص بالسفر والجغرافيا والخرائط وغيرها الكثير فيما يتعلق بتاريخ البلد الغني بالأحداث والقصة المشوقة لتأسيس الدولة العثمانية وقوتها السابقة.
إن إسطنبول بكل جمالها وروعيتها ليست فقط وجهة للعائلات والسياح الذين يبحثون عن مغامرات جديدة وتجارب سفر غير تقليدية - لكنها أيضاً ملجأ للأرواح الشغوفة بحب الفن والثقافة والتواصل بين مختلف الشعوب والأجيال المختلفة حول العالم الكبير الواسع.