تميزت حياة العرب في فترة ما قبل الإسلام، والمعروفة باسم "العصر الجاهلي"، بتطور ملحوظ في مختلف نواحي الحياة بما فيها الجانب النفسي والعقلي. هذا العصر شهد العديد من التحولات الثقافية والفلسفية التي أثرت بشكل عميق في شكل تفكير وتصورات الناس آنذاك.
أحد أكثر هذه الظواهر بروزاً هو الارتفاع الواضح في مستوى الوعي الجمعي لدى القبائل العربية. يمكن رصد ذلك من خلال الشعر العربي القديم الذي يعكس اهتمامات متنوعة مثل الحب والشرف والقوة والكرم وغيرها الكثير. الشاعر العربي ظل دائماً مرآة لروح عصره ومعبراً صادقاً عن هموم مجتمعه وآمال أفراده.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الأفكار الدينية جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية. رغم عدم وجود دين موحد رسمي في تلك الفترة الزمنية، إلا أن هناك أدلة تشير إلى وجود معتقدات روحانية وأساطير متداولة بين القبائل المختلفة. تعبر القصائد القديمة أيضاً عن محاولات لفهم العالم الطبيعي والمحيط الخارجي لهم، مما يدل على بداية رحلة بحث الإنسان البدائي عن المعرفة والحقيقة.
وفيما يخص المهارات الاجتماعية والنفسية، فقد برزت العديد من المواقف المشابهة لتلك الموجودة في المجتمعات الحديثة. الخوف، والأمل، والإيثار، والصمود هي فقط بعض الأمثلة التي تم تصويرها بدقة في الأدب الشعري للجاهلية. ببساطة، كانت القبيلة تعتمد اعتماداً كبيراً على الروابط الأسرية والتضامن الاجتماعي لإدارة شؤونها الداخلية والخارجية.
في النهاية، رغم غياب الوثائق التاريخية الرسمية، فإن الفنون الشعبية كالشعر والنقوش الصخرية توفر نظرة ثاقبة حول العمق العقلي والنفسي للحياة العربية في العصر الجاهلي. إن فهم هذا الجزء الحيوي والتاريخي من تاريخنا يساعدنا على تقدير مدى تقدم البشر منذ القدم نحو تطوير الذات وفهم العالم المحيط بهم.
