في أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، اجتمعت قوى الحلفاء في مدينة سان ريمو الإيطالية خلال الفترة ما بين أبريل إلى يوليو من العام نفسه لتوقيع اتفاقية تاريخية تعرف باسم معاهدة سان ريمو. هذه الاتفاقية لم تكن مجرد وثيقة قانونية؛ بل كانت نقطة تحول مهمة في التاريخ السياسي العالمي. لقد مهدت الطريق لإعادة تشكيل خريطة أوروبا الشرقية وأثرت بشكل كبير على مستقبل المنطقة.
كانت أهم نتائج هذه المعاهدة هي تحديد حدود الدولة الجديدة التي عرفت فيما بعد بجمهورية يوغوسلافيا والتي ضمت عدة دول منها كرواتيا وصربيا وسلوفينيا. كما تم ترسيم الخطوط الفاصلة بين رومانيا وبولندا وبينها وبين تركيا أيضاً. بالإضافة لذلك، فقد أدت المعاهدة إلى تفكيك الإمبراطوريات القديمة مثل النمسا والمجر وروسيا القيصرية وإيطاليا نفسها بطريقة غير مباشرة عندما تخلت الأخيرة عن مطالباتها بالسيادة على المناطق الجنوبية للإمبرطورية النمساوية.
كما تضمن الوثيقة حلولاً لبعض المسائل الاقتصادية المتعلقة بالأراضي المسترجعة حديثاً وتوزيع الغنائم العسكرية بين الأطراف المختلفة. لكن ربما كان التأثير الأكثر ديمومة لهذه الاتفاقية هو تأجيج الشعور الوطني والاستياء لدى العديد من الجماعات والأعراق الذين وجدوا أنفسهم فجأة تحت حكم حكومات جديدة غريبة عن ثقافتهم وتاريخهم الطويل. هذا الأمر ساهم لاحقاً في أحداث الثورات والحروب العديدة التي شهدتها القرن العشرين في تلك المناطق.
بشكل عام، بينما قد يبدو توقيع معاهدة سان ريمو مجرد خطوة أخرى نحو السلام الهش، إلا أنه ترك بصمة عميقة ومستمرة في المشهد السياسي الأوروبي حتى يومنا هذا.