بدأت الحرب العالمية الأولى، التي تعرف أيضاً بالحرب العظمى، في عام 1914 واستمرت حتى نهاية العام 1918. هذه الفترة الحاسمة في التاريخ الحديث ترجع جذورها إلى سلسلة معقدة من الأحداث والتوترات السياسية والعسكرية بين الدول الأوروبية. يرجع السبب المباشر لهذه الحرب إلى اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند ولي عهد النمسا والمجر، وهو حدث وقع في سراييفو في البوسنة والهرسك في يونيو/حزيران 1914. لكن هذا الحدث لم يكن إلا الشرارة الأخيرة التي أشعلت البارود المخزن تحت سطح العلاقات الدولية المتوترة بالفعل.

قبل اغتيال الأرشيدوق، كان هناك نظام دولي متوتر بسبب مجموعة متنوعة من القضايا الجيوستراتيجية والاقتصادية والثقافية. أولاً، كانت هناك شبكة المعاهدات الدفاعية المعلقة والتي ربطت معظم قوى أوروبا الرئيسية فيما يعرف بنظام التحالفات الثلاثي. ثانياً، كانت هناك المنافسات الاقتصادية والصراعات الإقليمية، خاصة حول مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. بالإضافة إلى ذلك، أدى ظهور سياسات القومية الجديدة والإصرار على "الحق الطبيعي" للأمم المختلفة في الحكم الذاتي، كما هو الحال بالنسبة للشعب السلوفيني في جنوب إيطاليا والسلافيين الجنوبيين في النمسا والمجر، إلى زيادة الضغط داخل النظام الدولي الهش بالفعل.

عندما تم اغتيال فرانز فرديناند، استغلته الدولة النمساوية -المجارية لشن حملة ضد صربيا. رداً على ذلك، دخلت روسيا، حليف لصربيا، الحرب من جانبها لدعم صربيا ضد هجوم النمسا والمجر. وسرعان ما انضم بقية تحالف الدول المركزية (النمسا -المجارية وألمانيا وإيطاليا قبل أن تنضم لاحقاً) إلى الجانب الآخر من الصراع ضد روسيا والدول الأخرى الأعضاء في التحالف الثنائي (فرنسا وبريطانيا).

خلال فترة اندلاع الحرب وتطورها، أصبح واضحاً أنها ستكون أكثر فتكا بكثير مما توقعه الكثيرون. فقد شهد العالم لأول مرة استخدام الدبابات والغازات السامة والعوامل البيولوجية كأسلحة. كما شهد أيضا ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير نتيجة قطع خطوط التجارة والأثر الكبير للحرب على الزراعة المحلية.

وفي النهاية، أنهيت الحرب بتوقيع معاهدة فرساي عام 1919، وهي المعاهدة التي فرضت شروطاً صعبة جداً على ألمانيا ودول أخرى خسرت الحرب وأدت مباشرة إلى العديد من الظروف غير المستقرة التي ميزت تلك المنطقة خلال ثلاثينات القرن الماضي بما فيها صعود النازية والفاشية.