العدل، وهو جوهر الحقيقة والعقلانية كما يُنظر إليها عبر الثقافات والفلسفات المختلفة، يشير إلى تحقيق الإنصاف والتوازن بين الأفراد والمجتمع. يعود الأصل اللاتيني لكلمة "عدل" إلى "iustitia"، والتي تعكس حرصها على تقديم ما يستحقه الجميع بشكل عادل ومتساوي.
في الفلسفة السياسية والأخلاقية، يعد العدل إحدى الفضائل المركزية التي تُعرَّف عادةً باعتبارها توازنًا بين حقوق الناس وتقديم المنفعة لهم بطرق متوازنة وغير متحيزة. ركز الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو بشدة على هذا الموضوع، محددًا عدداً من جوانبه الرئيسية بما فيها المساواة في المعاملة والإنصاف فيما يتعلق بتوزيع الثروة والحفاظ على النظام القائم بموجب قوانين ثابتة وعادلة.
بالانتقال إلى العالم الحديث، تحدد نظريات مثل تلك التي اقترحها جون رولز أن العدل يمكن اعتباره فضيلة أساسية للمؤسسات الاجتماعية الراسخة. ومع ذلك، فإن الرؤية الحديثة تتضمن أيضًا الاعتراف بحقوق الإنسان الواسعة النطاق، مستندة للقناعة المشتركة بأن كل فرد لديه مجموعة فريدة من الحقوق المكتسبة والمعترف بها قانونيًا وحقوق طبيعية كجزء أصيل من وضعه الإنساني.
تتطلب دولة عادلة احترام كافة الحقوق - سواء أكانت شخصية أم اجتماعية أم سياسية - والتأكد من عدم تجاوز حدود هذه الحقوق لصالح البعض على حساب الآخرين. فالعدالة ليست فقط عملية اتخاذ قرار بشأن كيفية توزيع الموارد ولكن أيضا حماية مصالح الأفراد والجماعات ضمن إطار غايات مجتمعية سامية كالعدالة والحرية والكرامة.
يتضح مدى اختلاف وجهات النظر حول ماهية العدل وكيف ينبغي تحقيقه عندما ندرك مدى تعدد أشكال الحكومات والنظم الاجتماعية والثقافية عبر التاريخ البشري. لكن يبقى الاتفاق العام أنه بدون مساحة للمساءلة والمساواة أمام القانون، ستكون احتمالات الوصول لإنجاز مشاريع مشتركة وشعور شامل بالإنسانية محدود للغاية.
المصادر العربية ونظرة عامة لمفهوم العدالة:
1- محمد سليم العوا, كتاب 'الفلسفة العملية', القاهرة: دار الشروق للنشر, الطبعة السابعة عشر, 2019.
2- عبد الرحمن بدوي, كتاب 'تاريخ الفلسفة', بيروت: دار العلم للملايين, ط7, 1988.