تعد الحرية أحد أهم مفاهيم حقوق الإنسان وأكثرها تعقيداً، وهي أساس وجود مجتمع مدني متقدم. يمكن تعريف الحرية بأنها قدرة الفرد على اتخاذ الخيارات والاستقلال بذاته، ضمن نطاق ينظم وفق القانون والأخلاق العامة، ويتوافق أيضًا مع الحقوق المتساوية للأفراد الآخرين. هذا يعني أن الشخص يتمتع بحرية التصرف والتفكير والاختيار بما يحقق طموحاته دون خوف من التدخل الحكومي أو قمع الآخرين لحريتهم الخاصة.
تنوع أشكال الحرية واضح ومتعدد الأوجه؛ فهنالك الحرية الشخصية التي تمثل استقلال الفرد في حياته اليومية واتجاهاته العقائدية والدينية والثقافية، وكذلك حرية التعبير بكافة الوسائل المعروفة مثل الكلام والصحافة والإعلام. ومن الجانب الاجتماعي، تتضمن حرية الاجتماعات العامة وممارسة نشاطات متنوعة داخل المجتمع بدون عراقيل تنظيمية إلا فيما يتعلق بحماية الأمن العام والنظام العام.
وفي السياق السياسي، ترتكز الحرية على منح المواطن القدرة على الانخراط في عملية صنع القرار، والتي تضمن لهم حق الانتخاب ورسم السياسات المحلية والدولية تحت مظلة المؤسسات التشريعية المنتخبة ديمقراطياً. بالإضافة لذلك، تعتبر الحرية الدينية جزء أصيل من النظام السياسي حيث تكفل لكل فرد حرية اعتناق عقيدة خاصة به وعدم تعرضه للقهر بسبب اختيارات معتقداته الخاصة.
وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة توازن تلك الحريات مع مسؤوليات مواطنة تجاه الدولة والمجتمع. فعلى الرغم مما تقدمه الحرية للجنس البشري من مرونة واستقلالية، فإنها ليست مطلقة ولا مطلقة بلا حدود. وعليه، فقد وضعت الدول والقوانين مجموعة من الضمانات والعقوبات اللازمة لمنع الاستخدام السلبي لهذه الرخصة المشروعة لصالح تحقيق المصالح الذاتية الضيقة على حساب أبناء الوطن الواحد وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة. وبالتالي، توفر لنا رؤية شاملة حول ماهية "الحرية" وتعريفاتها المختلفة كيف نساهم جميعاً في بناء نموذج حضاري مستند إلى ركيزة أساسية هي الاعتراف بالمبدأ الثوري العالمي وهو حرية الاختيار والشخصية المستقلة.
