في زمن مضى، كانت عملية اكتساب المعرفة تتم بطرق مختلفة ومتنوعة تُبرز أهمية القراءة والكتابة والاستماع. يمكننا تتبع هذه الوسائل التقليدية للتعليم التي ساهمت بشكل كبير في تشكيل المجتمعات والأجيال المتعاقبة. بدءاً من المدارس القديمة مثل مدارس القرآن الكريم والمدرسة النبطية في العالم الإسلامي، مروراً بمراحل متعددة خلال عصر النهضة الأوروبية، وصولاً إلى النظام التربوي الحديث، فقد تطورت أساليب التدريس بما يتوافق مع احتياجات كل فترة وتقدمها الزمني.
كانت الكتبُ هي المصدر الرئيسي للمعلومات حينئذٍ؛ حيث يُعتبر أول كتاب مدرسي معروف هو "الأمثال"، وهو مجموعة حكايات وأدب شعبي قديم يعود تاريخه للعصر الروماني. وفي العالم العربي، لعب المسجد دورا محوريا كمركز ثقافي وتعليمي مهم، حيث كان يلعب الدور نفسه الذي تقوم به الجامعات اليوم. هنا، لم يكن الهدف فقط نقل العلم والمعرفة بل أيضًا غرس الأخلاق والقيم الإسلامية.
خلال القرون الوسطى، برز دور الرهبان والمدارس الدينية كمراكز رئيسية للتعليم والتوجيه الفكري. ومع ذلك، شهد القرن الخامس عشر ثورة معرفية كبيرة مع ظهور الطباعة البارزة والتي سهلت انتشار المعرفة الواسع وبالتالي زيادة نسبة الأميين بشكل ملحوظ مقارنة بالأزمان الغابرة. أدى هذا الأمر لظهور نظام التعليم الرسمي أكثر تنظيما وحداثة تحت رعاية الدولة مثلا في فرنسا بدايةً من عهد الملك فرانسيس الأول عام ١٥٣٨ عندما تم إنشاء أول مدرسة عامة عامة هناك.
وفي الشرق الأوسط كذلك، ازداد اهتمام الحكومات بتوفير خدمات التعليم الشامل مما انعكس ايجابياًعلى مستويات الثقافة العامة والعلم بين السكان المحليين. ففي مصر مثالاً، حرص محمد علي باشا على تنمية المجتمع المصري ثقافياً واستراتيجياً منذ توليه السلطة عام ١٨٠٥ وذلك بإدخاله عدد من الإصلاحات التعليمية الهامة آنذاك ومن ضمنها إصدار قانون تنظيم التعليم العام والذي تضمن إلزام الأطفال بالحضور إليه مجاناً. وهكذا استمرت جهود تطوير المناهج الدراسية وانتشار المؤسسات الأكاديمية حتى وصلنا لأوقاتنا الحالية ذات الاحتياجات المستقبلية المختلفة تمامًا عما سبقها.
هذه الرحلة التاريخية تعكس مدى الترابط الوثيق بين تقدم البشر ومستوى فهمهم للحياة والطبيعة والعوالم الأخرى حولهم - وهي أيضا شهادة بأن عمليات نقل ومعالجة المعلومة الإنسانية ستظل دائمًا جزء حيوي وغني بالتغيير والإبداع بغض النظرعن الظروف البيئية المحيطة بها .