يتخذ النقاش حول دور التكنولوجيا في تغيير السياسات والأفكار العالمية أبعادًا جديدة، حيث يرى المتحدثون على حد سواء أنها قوة للإيجابية والتغيير ولكن بشروط معينة. من خلال التفكير في كيف يمكن للتكنولوجيا أن تؤثر في السياسات الدولية، نجد أن هذه المناقشة قد وضعت جانبًا من الأبحاث والتفكير حول كيف يمكن للتطور التكنولوجي أن يساهم في تحقيق مستقبل أفضل.
الرؤية الإصلاحية ودور التكنولوجيا
يرى إسماعيل المدغري في رأيه أن التكنولوجيا تتبلور كقطب محوري للحلول الدولية، حيث يبرز فائدتها وإيجابياتها في تغيير نظم السياسة. بالرغم من أن التكنولوجيا قد شهدت تطورًا كبيرًا في الماضي، إلا أن تأثيرها لم يعزل عن مشاركة القيم والمبادئ السياسية. وفقًا لرؤيته، فإن التطورات المستقبلية ستكون جزءًا من نظام أكبر يدعمه الأصول الأخلاقية والسياسية.
ضرورة الجنَّة السياسية
على الرغم من موافقته على أهمية التكنولوجيا، إلا أن المدغري يُشير إلى حاجة تلك التطورات لـ"جُنَّة" من ثقافات سياسية محفزة. وهذا يعني أن الابتكار التكنولوجي بحد ذاته قادر على فتح آفاق جديدة، لكنه يحتاج إلى نظام مشروع يستخدم هذا الابتكار في خدمة المصالح الإنسانية. وليس هو كافٍ بمفرده دون أن تدعمه سياسات وثقافات تشجع على التعاون والتفاهم.
أهمية إعادة الهيكلة
يبيّن المدغري أن بناء مستقبل مُستَدام يحتاج إلى توازن بين التكنولوجيا والإنسانية، حيث لا يمكن أن تعمل الأخيرة في عزلة. هذه الملاحظة تشير إلى ضرورة إعادة هيكلة سياساتنا وثقافاتنا بحيث يتسنى للتكنولوجيا أن تتفاعل مع الإنسانية كمُكمِّل لها وليس كبديل. فالابتكار التكنولوجي، على الرغم من إمكاناته المذهلة، يتطلب بيئة مشروعة تضمن استخدامه بصورة صحية وإيجابية.
وفي نهاية المطاف، فإن التكنولوجيا ليست حلًا سحريًا يُحلِّ جميع مشاكل السياسات والأزمات الدولية بصورة عفوية. إنها أداة قادرة على التأثير بشكل كبير في تغيير مسار السياسات، لكن فعاليتها تحددها السياق الذي نستخدمها فيه. وإذا أردنا إيجاد مستقبل يحقق التطور المستدام والعدالة، فلابد من دمج التكنولوجيا ضمن نظام شامل يركز على الأخلاق والتعاون.