عبد القاهر الجرجاني، أحد أبرز علماء النحو والبلاغة في التاريخ الإسلامي، ترك بصمة واضحة في دراسة الإعجاز القرآني من خلال كتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة". يعتبر الجرجاني واضعًا لأصول البلاغة العربية، حيث وضع قوانين للبيان والمعاني، مستندًا إلى فكرة أن النظم هو أساس صور البيان.
يؤكد الجرجاني على أن الإعجاز القرآني لا يقتصر على الإعجاز اللغوي فقط، بل يتعداه إلى الإعجاز المعنوي أيضًا. فالإعجاز المعنوي يتجلى في تأثير القرآن على القلوب، حيث يصف الجرجاني هذا التأثير بأنه "صنيع القرآن بالقلوب، وتأثيره في النفوس". يشير إلى أن القرآن قادر على إحداث تغييرات عميقة في النفس البشرية، مما يجعله معجزًا حقًا.
في كتابه "دلائل الإعجاز"، يوضح الجرجاني أن الإعجاز القرآني يتجلى في عدة جوانب، منها:
- الإعجاز اللغوي: حيث يرى أن اللغة العربية في القرآن الكريم هي لغة فريدة لا يمكن لأحد أن يماثلها أو يقلدها.
- الإعجاز المعنوي: يتجلى في تأثير القرآن على القلوب، حيث يغير من طبائع الناس ويقودهم إلى طريق الهداية.
- الإعجاز العلمي: يشير الجرجاني إلى أن القرآن الكريم يحتوي على حقائق علمية دقيقة لم تكن معروفة في زمان نزوله، مما يدل على عظمة القرآن وبعثته من عند الله.
ومن خلال هذه الجوانب الثلاثة، يقدم الجرجاني رؤية شاملة للإعجاز القرآني، مستندًا إلى دراسته العميقة للغة العربية والبلاغة. إن نظرية الجرجاني في الإعجاز القرآني تعد مرجعًا مهمًا لكل من يهتم بدراسة القرآن الكريم وفهم معجزاته.