كان عالم الفنون والكيمياء الفرنسي، لويس داجير، رائدا حقيقيا في تطوير تقنيات التصوير الفوتوغرافي الحديثة. وُلد داجير سنة ١٧٨٧ في مدينة كورجي الواقعة بشمال فرنسا, حيث بدأ مسيرته الأولى كمصور فوتوغرافي أثناء بحثه عن وسيلة لإعادة إنتاج المشاهد الطبيعية باستخدام طرق مبتكرة للإضاءة. وبفضل جهوده المثابرة وإبداعه الهائل, سيصبح اسم داجير مرتبطًا بإحدى أهم الاكتشافات العلمية والفنية التي شهدتها الإنسانية خلال القرن التاسع عشر - أي آلة التصوير نفسها!
بدأ طريق داجير نحو صنع صورة دائمة منذ زيارة قام بها لألمانيا عام ١٨٢٦ عندما تعرّف هناك على أعمال العالم الألماني فراونهوفر حول الظواهر البصرية. وبعد عودته بوقت قصير, اجتمع صدفة مع زميله البريطاني جوزيف نيبيس الذي كان يعمل أيضا على مشروع مشابه بهدف خلق طريقة جديدة لالتقاط الصور. رغم وفاة نيبيس المبكرة سنة ١٨٣٣, واصل داجير العمل بمفرده واستمر في البحث والتجريب حتى تم له النجاح الكبير سنة ١٨٣٧ حين قدم نظام "دوجيروتيب" Revolutionized Photography System والذي شكل أساس كل أشكال التصوير المعروفة اليوم.
تميز عمل داغيروتيب بنظام عرض جديد تماماً: استخدم ورق طباعة خاص يعزز التأثيرات الضوئية ويضمن الحصول على نسخة واضحة ونقية لكل صورة مؤقتة تم التقاطها عبر فتحة الكاميرا الصغيرة التي كانت جزءا لا يتجزأ منه. أثارت هذه الطريقة ثورة كبيرة داخل مجتمع الفن آنذاك وأحدثت نقلة تكنولوجية هائلة جعلت من البشر قادرين لأول مرة على تسجيل الحياة المتحركة ورصد تفاصيل محيطهم بطرق لم تبدو ممكنة قط سابقاً.
على مدى العقود التالية لتأسيس شركة Dagherotoype Company Limited , طور داغير العديد من الابتكارات الأخرى بما يشمل تصميم نماذجه الخاصة بالأجهزة المرئية المتقدمة مثل Dioramas والتي هدفت إلى تقديم تجربة مشاهدة ثلاثية الأبعاد فريدة وغامرة أكثر مما اعتاد عليه جمهور عصر النهضة تلك الفترة. وعلى الرغم مما حمله تاريخ حياة داغير الشخصية من تحديات ومعاناة صحية, إلا أنه ظل ملتزمًا بحلمه طوال فترة وجوده حتى وفاته عام ١٨٥١ تاركا لنا تراث علمي وثقافي خالد يكافئه عنه التاريخ للأبد.
تجدر الإشارة هنا أيضًا إلى أنواع الكاميرات المختلفة المنتشرة حاليًا والتي تعد امتداد طبيعي لرؤية داغير المؤسسية للعالم: تعتبر "الكاميرات المدمجة"، ذات القدرة على استخدام الأفلام القياسية أو وسائل تخزين البيانات الرقمية حسب اختيار المستخدم, أحد أشهر أمثلتها. بينما تتمتع كاميرات SLR(Single Lens Reflex) بجماهيريتهم الأكبر بين هواة التصوير الاحترافي بسبب مرونتها وشكلها العملي بالإضافة لقوة أدائها الوظيفي العالي.