حمض الهيدروكلوريك، المعروف أيضًا باسم حمض كلور الماء، هو أحد الأحماض المعدنية الشائعة الاستخدام التي تُعد جزءًا أساسيًا من العديد من العمليات الصناعية. يُستخلص عادةً من غاز كلوريد الهيدروجين المخفف في الماء، مما ينتج عنه محلول قوي قابل للتطبيق في مختلف المجالات. يرجع تاريخ اكتشافه إلى العالم العربي جابر بن حيان في القرن التاسع الميلادي، لكنّه اكتسب شعبية كبيرة خلال الثورة الصناعية بفضل دوره الحيوي في تصنيع المواد الكيميائية المختلفة.
يتميّز حمض الهيدروكلوريك بصيغته HCN، والتي تمثل عملية ارتباط بين ذرة هيدروجين وثلاث ذرات أخرى تشكل مجموعتي CN وهيدروكسيل (-OH). يبلغ الوزن الجزيئي له حوالي 27.03 جم/مول، ويمكن الحصول عليه تجاريًا عبر تخمير خليط من الأمونيا والمتان تحت ظروف أكسدة محددة. أما في بيئة المختبر، يمكن صنعه عن طريق تقسيم أملاح مثل نترات الصوديوم فوق الحمض نفسه.
تتعدد أشكال وجود حمض الهيدروكلوريك سواء كنقطة سائلة ذات رائحة مميزة ونسبة كثافة عالية نسبياً (تقارب 0.687 عند درجات حرارة الغرفة)، أو عندما تتبخّر لتحوله لأحد الغازات الخفيفة للغاية (مع نسبة كثافة أقل بكثير تصل لتقريب 0.941). يمكن لهذا الحلذوب بشكل كبير في المياه وحلول القواعد أيضاً، ويتطلب الاحتفاظ به داخل قارورة داكنة اللون مغلقة بإحكام لمنع التأثر الضوئي وتسهيل حفظها لفترة مطولة.
إحدى أهم وظائف هذه المادة تتمثل باستعمالها كتغلغل فعال ضد الآفات والحشرات أثناء عمليات مكافحتها بالمزارع المنتشرة حول البرية والبحر، وذلك نتيجة لقدرتها الفتاكة لهذه الأنواع الخطيرة من الديدان والعناكب الصغيرة. ولعل أكثر فوائدها شيوعاً تكمن باستخداماتها في المواقع الصناعية حيث يشكل أساساً رئيسيا لصناعة مواد بلاستكية وكربونية مختلفة وكذلك مركبات عضوية متنوعة كالفينيلات والكلوكريدات بالإضافة لإنتاج بعض الأدوية الهامة مثل جلوكونات الاسكوربيك. علاوة علي ذلك، تلعب دور משא مهم في تنظيف بعثات الحديد وإعادة تدوير مياه صرف باطنية بواسطة وسائل تبادل الأنيونس الخاصة بالتفاعلات الكيميائية الكهربية. أخيرا وليس آخرا نجده يدخل أيضا ضمن قائمة مُنظِّمات مستوى рН للمحاليل المتوازنة كيماويا.
قبل البدء بأي عمل متعلق بهذا النوع من المواد الخطيرة، ينصح دائماً بتوظيف جميع أدوات الوقاية اللازمة بما فيها تلك المتخصصة بالحماية الشخصية لكل من العين والجسم والتأكيد علي تهويت المكان جيداً وقت تعرض الشخص مباشرة للأبخرة أو قطرات العلاج، إذ تعمل الأخيرة بطرق تأثير متعددة بالأنسجة البشرية قد تؤدي إلي اوجاع موضعية وانتشار امراض تنفسيه اذا لم يتم اتخاذ اجراءاتي طارئه فور ظهور علامات التحسس والاختناق المصاحبة لذلك. لذلك يجب توخي الحذر ودائم الحرص اثناء التعامل مع حمض الهيدروكلوريك حفاظا علي سلامة المسوس ومحيط عمله.