ولد الأمير اللامع أحمد بن طولون عام 247 هـ/861 م، وهو أحد الشخصيات البارزة التي تركت بصمة واضحة في تاريخ المسلمين خلال العصور الوسطى. يعد ابن طولون مؤسس للدولة الطولونية المستقلة في مصر والشام، والتي عرفت بتقدمها السياسي والعسكري الكبير.
تولى حكم مصر بعد فترة عصيبة شهدتها البلاد تحت الحكم الفاطمي، حيث استغل الفرصة ليقوم بإعادة بناء وتنظيم الجيش المصري بشكل فعال. كان لابن طولون نهج غير تقليدي في إدارة شؤونه المالية والقضائية، مما عزز الاستقرار الاقتصادي والأمني داخل دولته الجديدة.
من أهم إنجازاته العسكرية فتح مدينة طرسوس عام 265 هـ/879 م، وانتصاره ضد الرومان البيزنطيين في معركة حمص الشهيرة عام 275 هـ/889 م، والتي أكسبته الاحترام والتقدير بين شعوب المنطقة وخارجها. كما قام بتشييد العديد من المباني العامة والمرافق مثل جامع عمرو بن العاص وقلعة القطائع القائمة حتى اليوم.
بالإضافة إلى ذلك، عرف عنه اهتمامه بالثقافة والفكر، فشجع الأدباء والشعراء وأنشأ دار الحكمة بطرابلس الشام لتكون مركزاً للعلوم والمعرفة. وقد مورست هذه الإصلاحات الثقافية أيضًا في القاهرة عندما أسس جامعة الزيتونة بالقاهرة، التي كانت واحدة من أولى الجامعات الإسلامية الحديثة آنذاك.
بالتأكيد، فإن حياة وإرث أحمد بن طولون يظهران مدى قدرة قائد حاذق على تحقيق الانجازات السياسية والدينية والثقافية رغم الظروف الصعبة. لقد ترك خلفه دولة مستقرة ومزدهرة، وكانت نموذجًا لدول أخرى تتطلع نحو الوحدة والحكم الأمثل. إن ذكرى إسهاماته ما زالت حيّة حتى يومنا هذا كرمز للتطور الإسلامي خلال تلك الحقبة التاريخية الغنية.