الميثاق، في جوهره، عبارة عن اتفاقية ملزمة بين الأطراف المتعاقدة، سواء كانت هذه الأطراف أفراداً صغاراً أم كيانات دولية كبيرة. يُعتبر الميثاق رباطاً طوعياً قائماً على الثقة المتبادلة والموافقة الحرة، وهو أساس مهم لأي دولة، إذ يُمثل إطار عمل مشترك يحُدّد الأدوار والقواعد للسلوك المشترك. وفي السياق الديني، يأتي ميثاق الإسلام كمصدر أخلاقي وإنساني عالمي يشمل جميع الرؤى والآراء.
على المستوى الدولي، يتم استخدام مصطلح "الميثاق" غالباً للإشارة إلى الاتفاقيات الرسمية مثل ميثاق الأمم المتحدة، الذي يوفر إطاراً تنظيمياً للأمم الأعضاء ويعكس الروح العالمية للتعاون والتسامح. بالإضافة إلى ذلك، يوجد العديد من الميثاقات الدولية الهامة الأخرى، منها مثلاً الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR) والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR). وهذه الميثاقات الأخيرة تعد جزءاً أساسياً من منظومة حقوق الإنسان العالمية وتضمن مجموعة واسعة من الحقوق لكل فرد حول العالم.
كما يمكن النظر إلى مفهوم الميثاق ضمن سياقات أخرى محلية أيضاً، مثل ميثاق الشرف. هنا، يصبح الميثاق رمزاً لقيم الأخلاق والشرف داخل مجتمع معين بناءً على معتقداته وقيمه الخاصة. مثال بارز لذلك هو نظام الشرف الأكاديمي الذي بدأ منذ القرن الثامن عشر في الجامعات الأمريكية الشهيرة، مستنداً إلى ثقافة المسؤولية الشخصية والالتزام بالقواعد الموضوعة لتحقيق بيئة تعليمية نزيهة.
وعلى الرغم من أهميتها النظرية لهذه الميثاقات والقوانين الدولية، فإن الواقع غالباً ما يكشف فجوات بين النصوص المكتوبة وعملية تنفيذها الفعلية. فتارة تُستخدم كأساس لبناء سلام دائم بين الشعوب، وطورا أخرى تُهمل لتزيد من حدة الصراع وانعدام الاستقرار. ويبدو واضحا كيف تتلاشى آمال السلام عندما تتجاهل الحكومات والشعوب ذاتها تلك الوصفات المرعية والقانونية لصالح المصالح الذاتية قصيرة المدى، تاركة ضحية كل ذلك أبرياء مدنيون لا ذنب لهم سوى وجودهم تحت رحمة الظروف السياسية والدينية المضطربة. إنها دعوة للاستمرارية في البحث والنضال نحو تطبيق فعال وحقيقي لهذه المعاهدات والسعي نحو تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.
