تحظى القراءة بمكانة بارزة في حياة الأطفال لما لها من تأثير عميق وممتد على مختلف جوانب نموهم العقلي والجسدي. تُعتبر القراءة إحدى الأدوات الأكثر فعالية لتطوير مهارات التفكير المنظم والانتباه لدى الأطفال. عندما غاص طفلك في عالم الكتب والمجلات، فهو يساهم في بناء مجموعة متكاملة من المهارات - بما فيها الانتباه المركّز والقدرة على استيعاب المعلومات وفهم العلاقات بين الأحداث المختلفة.
يساعد الانخراط في عملية القراءة لمدة قصيرة يوميًا، مثل ربع ساعة صباحية، على تحسين تركيز الطفل وإدارة انتباهه بكفاءة أعلى. أثناء قراءتهم، يقوم دماغ الطفل برسم خرائط ذهنية للعناصر والأحداث الخيالية الموجودة في الكتاب مما يعزز قدرته على التصورات البصرية والمعرفية فيما بعد. بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه التجربة المنتظمة للقراءة أيضًا على تنظيم روتين اليوم اليومي وتعزيز الشعور بالاستقرار والثقة بالنفس لدى الطفل.
تُعدّ الرحلات المعرفية عبر صفحات الكتب مصدرًا ثمينًا للفهم المتعمق للحياة ومتعلقاتها. يكسب الطفل رؤية داخلية لأسلوب الحياة للأنواع الأخرى كالتماسيح مثلاً، ويعيد بناء تصوراته حول كيفية سير الأمور بطريقة مختلفة عنه تمامًا. يحصل الطفل أيضًا على فرصة لاستخلاص الحكم وقدراته التحليلية عند المقارنة بين الواقع والحكايات الخيالية. وهذه العملية التعليمية غير الرسمية ضرورية للتنمية الاجتماعية كونها تزوده بالقوالب الأولى لقوانين النظام الاجتماعي وبالتالي مساعده تدريجيًا على الانفتاح اجتماعيًا واحترافيًا لاحقًا.
كما تعدّ جلسات القراءة وقت هدوء واسترخاء ملائمة للنوم بالنسبة للطفل. فهي توفر بيئة هادئة وحميمية تشجع الجسم والدماغ على الاستعداد للنوم بدلا من الانزعاج والإثارة الناجمة عن وسائل الإعلام الحديثة كالتليفزيون والساعات الرقمية وغيرهما والتي أثبت العلم أنها مضرة بصحة نوم الاطفال المسائيين. ينصح علماء التربية بادخار فترة قبل موعد الراحة الطبيعية للطفل لقراءة قصة قصيرة مُختارة خصيصًا لمساعدتهم علي تحقيق نوع من "الإيقاف التدريجي" لحالة اليقظة لديهم مما يؤدي إلي هبوط مستوى نشاطهم البدني والإدراكي بالتدرج حتى يصلوا أخيرا لحالة الاستلقاء والاستعداد للحصول علي مدة كاملة ونقية من النوم. وفق الدراسات الأخير، فان اطفال الذين يمارسون تقنيات التأثير المخففة لهذه الليالي ربما يتمتعون بحوالي ٢٠ دقيقة اضافية من ساعات ضمان صحتهم النفسية مقابل اولئك الذين يعتمدون الاعتماد الزائد علي الشاشة قبيل انطلاق مرحلة الغفوة المعتادة.
وفي الختام، فان سلوك المحافظة علي طقوس القراءة ضمن برنامج حياة الطفل له اثار ايجابية عديدة تتضمن اكتساب معلومات جديدة وتحسين القدرات الادراكية وتعظيم فرص الحصول علي اغلى موارد البشر وهي الصحة الصحية للساعة البيولوجية للجسم والبقاء يقظ خلال النهار . لذلك يعد تضمين تلك الروتين جزء أساسي ضمن خطة تنشأة ابنائكم نحو مستقبل مزدهر ومعارف شاملة ومتنوعة!