في مختلف المجالات، سواء كانت أكاديمية أو اجتماعية أو تجارية، غالبًا ما يتم استخدام كلمتي "التقويم" و"التقييم" بالتبادل. ولكن هل هما بالفعل مترادفتان أم لهما معاني فريدة تميز كل منهما عن الآخر؟ دعونا نتعمق لفهم الفروقات الدقيقة بين هذين المفاهيم المهمَتين.
مفهوم التقويم
التقويم يأتي مشتقًا من الجذر العربي 'قوم' والذي يشير إلى إعادة الأمور إلى حالتها الأصلية بعد اعوجاج. لذا فإن التقويم، وفقًا للأصول اللغوية، يعني تصحيح الخلل والإصلاح. وقد عرفه طبري بأنّه جعْل الأشياء مستقيمة وصحيحة. وهو ليس مجرد عملية الحكم النهائية على قيمة شيء ما، ولكنه أيضًا إجراء شامل يستخدم لتحسين أدائِه.
يشمل التقويم مجموعة من الخطوات المنظمة التي تبدأ بجمع البيانات والمعلومات حول ظاهرة معينة، ثم تحليل تلك المعلومات بدقة لاتخاذ قرارات مبنية على أساس علمي ودقيق. هدف التقويم هنا يكمن في تحقيق التوازن وتصحيح الانحرافات نحو الحالة المثلى. هذا التعريف ينطبق بشكل خاص عند الحديث عن تقويم البرمجيات والبرامج التعليمية وغيرها الكثير.
مفهوم التقييم
على الرغم من التشابه الواضح مع التقويم، فإن التقييم يتمتع بملامحه الخاصة. يُعرّف التقييم عمومًا بأنه العملية التي يتم فيها وضع قيمة محددة لمجال معين بناءً على مقاييس دقيقة. قد تشمل هذه المقاييس مدى تحقيق الأهداف، والجوانب المالية والأثر الاجتماعي، وكفاءة العمليات الداخلية للشركة، وعائد الاستثمار وما إلى ذلك. بينما يؤكد التقويم على الجانب التصحيحي والمراجعة الدورية للتقدم المحرز تجاه الهدف المحدد، يتجه تركيز التقييم أكثر نحو تقديم جائزة نقدية للحالة الحاليّة بغض النظر عن امكانية التحسين المستقبلي لهذه الحالة نفسها.
إذاً، يمكننا القول إن التمييز الرئيسي بينهما يكمن في طبيعة العمل نفسه؛ فالهدف الأساسي للتقويم هو الفحص الدقيق وإجراء تغييرات مستهدفة لرفع كفاءة النظام تحت الدراسة، أما الغرض من التقييم فهو خلق صورة واضحة لقيمة الشيء كما هي الآن بدون التركيز بالضرورة على تغيير الوضع الراهن.
في المجتمع العلمي الأكاديمي والعالم التجاري اليوم، أصبح فهم الفرق الدقيق بين هاتين العمليتين أمرًا حاسمًا لإدارة الموارد بكفاءة واتخاذ قرارات سليمة تستند إلى معلومات موثوق بها.