تعدّ "ظاهرة كومبتون"، وهي إحدى الظواهر الفيزيائية المثيرة للاهتمام، بمثابة تحول رئيسي في فهمنا لسلوك الضوء والجسيمات المشحونة. اكتشف عالم الفيزياء الأمريكي آرثر كومبتون هذه الظاهرة الرائدة سنة ١٩٢٣ م، مما أدى لإحداث ثورة في مجال علم البصريات والنظرية الكمومية.
تتمثل ظاهرة كومبتون في قدرة جسيمات مثل الإلكترونات على تغيير المسار والطاقة الصادرة من فوتونات ذات طاقات عالية للغاية عندما تصطدم بها مباشرةً. وهذا يحدث لأن الضوء -على خلاف الاعتقاد التقليدي أنه مجرد موجة كهرومغناطيسية- يمتلك خصائص جزيئية أيضًا وفق نظريات آينشتاين حول النظرية النسبية الخاصة والحزمة الإشعاعية. يؤدي اصطدام الفوتون بالإلكترون المحايد إلى تبديل جزء من طاقة الأخير له، مما يسفرعن زيادة بطول موجته وانخفاض شدته.
لم يكن الاكتشاف العلمي لكومبتون محدودًا بفهم صرف للسلوك الفيزيزابي للعناصر المختلفة بل كان لها تأثيرات عملية واسعة الانتشار عبر مختلف التخصصات المتعلقة بالأشعة الغامضة وقطاعات أخرى كالتشخيص الطبي والتطبيقات النووية وعلم الفلك بالإضافة لمراقبة السلامة والأمن العامة خاصة فيما يتعلق بالتفتيش لدى المنافذ الحدودية والشحن التجاري. تكمن أهميتها هنا كونها تساعد المؤشرات القائمة على مستويات الإشعاع المنبعثة من المواد المشعة سواء كانت حاويات شحن غير قانونية تحمل مواد محظورة أو حتى حالات مرض مرض السرطان والعلاج الإشعاعي للأورام.
إن مرصد كومبتون الخاص بأشعة جاما والذي استحدثته الوكالة الوطنية لناسا يعد مثال بارز لكيفية تطبيق هذه الفكرة العملية والنظري مجتمعتين لتحقيق هدف ريادي. يستطيع المرصد تحديد مصدر الأشعة والإشارةبمسافة دقتها نحو ست دقائق قوسيه وذلك بناءً على تقنية حساب الاتجاهات الرياضية المرتبطة بتغير الزوايا أثناء تشتيت الشعاع . وبالتالي يمكن الوصول للجرم السماوي المعني بمزيد دقة وتحليل البيانات باستعمال نماذج متقدمة مصممة لهذاالغرض .
وفي ختام حديثنا ، نجده أمام عجائب الطبيعة واكتشافاتها المستمرة التي توضح لنا مدى تعالق الجزئيات الدقيقة والقوانين العالمية للحركة والتي بدورها تشكل عالما مليئ بالحكمة والمعرفة الإنسانية الواسعة المدى!
