تُعدُّ حُسناتِ اللغة العربيَّةَ بتنوعها الواسع أحد الأسباب المهمة التي جعلتها تُعتبر لغة عريقة ومتميزة بين سائر اللغات الأخرى. ومن هذه الحسنات تناول هذا المقال خصائصين مهمتين هما "التعريف" و"التنكير". هاتان الخاصيتان لهما دور كبير في إبراز المعاني وتوضيح الأفكار ضمن النصوص المكتوبة والشفهية أيضًا. سنستعرض هنا الجوانب المختلفة لهذه الخصائص ونبين أهميتها في بناء الجملة العربية ودراسة بلاغتها.
التَّعرِيف والتَّنكِير هي من علامات الاسم تدل على معرفة المتحدث بما يسميه أو عدم معرفته بذلك الشيء. عندما نقول "الكتاب"، فإننا نستخدم تعريفاً يشير إلى تحديد كتاب معين ومعروف للقارئ أو المستمع. أما عند قول "كتاب"، فالضمير ينكر ويجعل الكتاب غير معروفٍ للمعنى العام ويمكن أن يشار إليه لاحقاً دون تحديد مسبق. يؤكد علماء النحو والبلاغة أن هذين الخاصيتين يساهمان بشكل فعَّال في إحداث تأثير مختلف لدى القارئ/المستمع حسب السياق والمكان المناسب لكل حالة استخدام.
إن للتعريف قيمة كبيرة فيما يتعلق بالإشارة إلى شخصيات ذات شأن رفيعة وكبار الشخصيات الذين يتم ذكرهم مباشرة؛ مثل الأمراء والفلاسفة وأعلام التاريخ وغيرهم ممن لهم مكانتهم الخاصة وسط الناس وعند المجتمع. بينما يُفضل التنكير للإشارة لأشخاص مجهولي الهوية أو لموضوع عام يحتاج لتعميم أكثر شمولاً. بالإضافة لذلك، يمكن استعمال التعريف وحده أو برفقة بعض الصفات لإضافة تفاصيل اضافية حول الموضوع، مما يعزز عمق الرسالة ويعطي تركيز أكبر للأفكار المطروحة داخل العبارات والجمل المقترنة بهاذه الخصائص الفريدة.
على سبيل المثال، إذا بدأنا بجملة بسيطة كتبت تحت عنوان "أنت كريم": قد تكون الجملة مكتوب فيها "إنه أبو زيد الأنصاري الكريم"، ففي تلك الحالة نجد ان التنكير متبوع بالوصف يفسر سبب الدلالة الإيجابية التي تحملها الشخصية المدونة عنها والتي تتمثل بكرم أخلاق صاحبها -رضي الله عنه-. وفي حين لو كتب العنوان نفسه ولكنه تغير ليصبح "انت كرم"، تصبح الصورة العامة للتعبير اكثر تعميمًا وانفتاحا لما يحمله وصف 'الكريم' لطائفة واسعة وليس لرجل تاريخي واحد فقط.
يلعب كلٌّ ممّا سبق ذكره دوراً حيويًّا في فنون أدبية مختلفة منها الشعر والنثر والحوار الروائي وغيرهما الكثير عبر تاريخ الثقافة الإنسانية الطويل والذي ما زالت عروقه تتدفق حتى يومنا هذا بالحياة والإبداع المنبعث من روح هذه اللغة الغنية بالألفاظ وبجمالية بنائها الداخلي الخارجي أيضاً!