تونس، مهد الحضارة والفكر الإنساني، قد ساهمت بشكل كبير في بناء المعرفة البشرية منذ القدم. تاريخها اللامع يعج بأمثلة لامعة لرجال ونساء قدموا إسهامات عظيمة للعلم والمعرفة. هذه الرحلة العلمية تتبع مسارات مختلفة بدءاً من الفلسفة القديمة مروراً بالطب والعمران وانتهاءً بالرياضيات والكيمياء الحديثة.
في الحقبة الرومانية، برزت شخصية الباحث "إنوسنتوس"، وهو عالم رياضيات وفلك معروف بعمله في الجبر وعلم الفلك. وفي العصور الإسلامية الأولى، كان لتونس دور بارز في نشر الثقافة العربية والإسلامية، وكان أحد أشهر علمائها الطبيب أبو القاسم بن زهر الأندلسي المقيم حينذاك في تونس العاصمة. يشتهر هذا العالم الكبير بكتبه حول الطب والتي كانت مرجعا قديما لممارسي المهنة.
خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، شهدت البلاد نهضة علمية كبيرة مع ظهور أسماء مثل محمد الخوجة، الذي يعد أول تونسي يدخل مجال الهندسة الطبية والأجهزة الطبية. كما ساهم أحمد باي الثالث في تطوير التعليم العمومي وتأسيس مدرسة الزيتونة الشهيرة التي تعد واحدة من أعرق الجامعات الإسلامية حتى اليوم.
وفي الفترة الاستعمارية، واصل التوانسة التألق الأكاديمي رغم الظروف الصعبة. فقد ولد عبد السلام بن عيسى الذي أصبح لاحقا عالما مشهورا في الفيزياء النووية عام 1916 أثناء الاحتلال الفرنسي لتونس. ومن الأعمال البارزة له كتاب "نظرة عامة على الديناميكا التحليلية".
هذه فقط بعض الأمثلة بين الكثير ممن ترك أثرا واضحا لأجيال متلاحقة. إن قصة العلماء التونسيين هي شهادة حيّة على قوة الإصرار والاستدامة المعرفية بغض النظر عن العقبات السياسية أو الاجتماعية.