يتمتع الجسم البشري بمجموعة معقدة ومتكاملة من الآليات التي تضمن نقل العناصر الغذائية الأساسية والاكسجين بكفاءة بين مختلف الأعضاء الحيوية. أحد أهم هذه العمليات هو دوران الدم، والذي يستخدم القلب كمحرك أساسي لتوجيه الدم حول شبكة دقيقة من الأوعية والشرايين. ولكن ماذا يحدث عندما لا تكون هناك حاجة فورية لكل هذا الحجم الهائل من الدم؟ كيف يخزنه الجسم؟ سنتعمق الآن في الجواب عن هذه القضية.
كما ذكر سابقًا، يعتبر القلب -وهو جهاز ضخ عظيم- الموقع المركزي الرئيسي لدوران الدم في جسم الإنسان. يقسم القلب إلى قسمين رئيسيين؛ الجانب الأيمن المسؤول عن استقبال الدم غير المؤكسد من الجسم وتوزيعه نحو الرئتين للتزويد بالأكسيجين، بينما يعمل الجانب الأيسر على ضخ الدم المؤكسد حديثًا عبر الشرايين الرئيسة للجسد. لكن الأمر أكثر تعقيدًا مما قد يبدو عليه عند النظر فقط لهذه وظيفة الضخ.
تتضمن العديد من الأعضاء الداخلية الأخرى دوراً هاماً في الاحتفاظ المخزون الحر من الدم. أولًا، النخاع العظمي -الذي يعد خلاصة هيكل العظام وجدارها الداخلي اللين- يساهم بحوالي ربع احتياطيات الدم لدى الإنسان البالغ. هنا يتم إنتاج معظم خلايا الدم الحمراء بعد عمر معين، وهذه العملية تعرف باسم "الانشطار". ثانيًا، الطحال يلعب دورًا محوريًا أيضًا. فهو قادر ليس فقط على تنظيف وتعقيم الهواء الخارجي قبل دخوله الرئتين بل كذلك القيام بتفتيت خلايا الدم القديمة واستبدالها بخلايا جديدة نشطة وكاملة الصحة أثناء عملية تدعى "التقاطيع". أخيرا وليس آخرًا، يعود فضل الجزء الكبير الآخر للحفظ الاستراتيجي للدماء الى الكبد والكلى المشتركين مجتمعيين بما يفوق الثُلث منها تقريبًا!
إن قدرة الجسم البشرية على تنظيم توافر الدم بطريقة منظمة وفعالة أمر مذهل حقًا. ويعكس النظام الرائع للتبادل الحيوي والقابلية للتكيف والتكيف ضمن بيولوجيتنا الطبيعية مدى براعة تصميم الله عز وجل الذي خلقه لنا وللناس كافة أدوات الحياة الصحية المثالية والملائمة تمام الملاءمة لعالمنا الفيزيائي والطبيعة الاجتماعية للإنسانية.
