تُعدّ الثورة الصناعية مرحلة بارزة في التاريخ الحديث، حيث أدخلت تغييرات هيكلية كبيرة في المجتمعات الأوروبية تحديداً، ومن ثم عالمياً. بدأت هذه الفترة بحلول القرن الثامن عشر واستمرت حتى بداية القرن العشرين تقريباً. تتميز بأعمالها التحويلية في مجالات التصنيع والزراعة والنقل والصناعة البسيطة إلى المعقدة.
في قلب هذه الثورة كانت الاختراعات والابتكارات العلمية المتلاحقة والتي غيرت طريقة إنتاج المصنوعات اليدوية التقليدية إلى منهج أكثر كفاءة وتقنيهً. اختراع الآلات البخارية كان أحد أهم المحركات التي دفعت عجلة الإنتاج الأمامية، مما سمح بتحسين عمليات توليد الطاقة وتحريك الأجهزة الثقيلة. هذا الابتكار منح الفرصة للمصانع لترك المباني الضيقة و الانتقال لبناءاتها الخاصة الأكبر وأكثر فاعلية.
كما شهدت فترة الثورة الصناعية زيادة هائلة في استخدام الفحم كمصدر للطاقة، ما عزز الحاجة لتوسيع طرق النقل. هنا جاء دور القناة والسكك الحديدة الجديدة والتي سهلت نقل الأشخاص والبضائع بطرق لم تكن ممكنة سابقاً. بالإضافة إلى ذلك، طور مهندسون مثل جيمس وات آلة بخار محسنّة ومستدامة جعلتها الأكثر شهرة خلال تلك الحقبة.
هذه التغييرات العملاقة أثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي بنمو اقتصاديات جديدة تعتمد أساساَ على التجارة الدولية وانطلاق الأعمال التجارية العالمية. كما أنها أسفرت عن تغيرات ديموغرافية وفلسفية واجتماعية واسعة النطاق؛ إذ انتقلت نسبة كبيرة من سكان الريف إلى المدن بحثًا عن فرص عمل أفضل وبالتالي شكلوا نواة الطبقة العاملة الوليدة آنذاك. ثورة التعليم أيضاً كثفت جهودها لإعداد هؤلاء الأفراد الجدد لسوق العمل المنظم حديثا.
ومع كل تقدم هناك تحديات مرتبطة بها، فقد خلقت الثورة الصناعية شروط عمل سيئة وظروف معيشية قاسية بالنسبة للطبقات الدنيا الذين كانوا يشكلون غالبية قوة العمل حينئذٍ. ومع ذلك فإن التأثيرات الشاملة لهذه الفترة هي بلا شك حاسمة للتطور المستقبلي للغرب وللعالم ككل.