يتناول هذا البحث جوانب مختلفة من مفهوم "الضبط الإداري"، وهو إحدى آليات الدولة النافذة للمراقبة والقانون. يتمثل الهدف الرئيسي للضبط الإداري في ضمان الامتثال للقوانين والمراسيم الحكومية بهدف تحقيق الأمن العام والحفاظ على النظام الاجتماعي. يعتمد هذا النمط من الاضطلاع بدوره أساساً على سلطة الجهات الرسمية التي تتولى تنفيذ القواعد والأحكام المنصوص عليها قانونياً.
يمكن تقسيم إجراءات الضبط الإداري إلى عدة مراحل؛ تبدأ بإصدار القرار أو الأمر الرسمي بناءً على التشريعات ذات العلاقة، ثم يلي ذلك إشعار المخالف بالإجراءات المتخذة بحقه، وأخيراً توقيع العقوبات المناسبة حسب خطورة المخالفة. تشير الدراسات الحديثة إلى أهمية الشفافية والعدالة في عملية تطبيق هذه الآلية لتجنب الاستخدام غير المبرر للسلطة ونزع الثقة العامة.
في سياق الدول العربية، اتبع العديد منها نهجاً مشابهاً في تنظيم ضبطيتها الإدارية استنادا لقوانين محددة مثل قانون رقم 4 لسنة 1969 بشأن السلطة المختصة بالرقابة الادارية بمصر، والذي يعطي سلطات واسعة للجهات المعنية لممارسة دورها الرقابي والإداري بشكل فعال. كما يوجد أيضاً مراكز مكرسة خصيصاً لهذه المهمة كالنيابة الإدارية المصرية والتي تقوم بنفس الدور لكن تحت مظلة قضائية مباشرة مما يضمن مستوى أعلى من الحماية لحقوق الأفراد أثناء عمليات التحقيق والتفتيش.
من جانب آخر، هناك نقاش مستمر داخل الأوساط الأكاديمية حول مدى توافق أساليب الضبط الإداري مع حقوق الإنسان الأساسية خاصة فيما يتعلق بحرية الفرد وخصوصيته الشخصية خلال فترة التحقيق والفحص. ومع ذلك، فإن الغالبية ترى ضرورة وجود جهاز رقابي قوي للحيلولة دون تفشي حالات عدم التقيد بالقوانين والأنظمة العامة لما لذلك من تأثيرات عميقة ومباشرة علي سلامة المجتمع واستقراره العام.
وفي النهاية، يمكن اعتبار نظام الضبط الإداري جزءاً حيويا ومتداخلا من البنية المؤسسية للدولة الحديثة فهو ليس مجرد وسيلة لإدارة موارد وحالات طارئة بل أيضا عامل رئيسي في تعزيز سيادة القانون والنظام العام وإنفاذ الشرعية الاجتماعية والثقافية المحلية والعالمية كذلك. ولذلك فإنه يستوجب دائما تطوير وتحديث وتطبيق تلك الانظمة بما يحافظ علي مصالح المواطنين ويضمن لهم حق الوصول الي العداله وفق احدث الوسائل والمعايير الدولية والمعرفيه .