العلم كنز ثمين ونور هدى يُضاء به درب الحياة، وهو الرابط الوثيق بين البشر وعالم الخالق سبحانه. إنه الأساس لكل تقدم وحضارة، إذ يساهم في تفكيك ظلمات الجهل وإزالة فساد الأفكار والمعتقدات المغلوطة. فالصلة بين العبادة والعلم وثيقة جدا، فبدون معرفة الصحيحة لا يمكن أداء الطاعات كالصلوات وصيام رمضان وزكاة الأموال بدقة واتزان. إن أهمية العلم تكمن في أنه الموصل الرئيسي لفهم أحكام الشرع وفروعه، حيث يكون وجود الأصل بلا فرع كالبناء بدون أساس راسخ.
لكن بعض العلماء قد ينتهجون مسارات منحرفة باستخدام علومهم لتحقيق المدى الشخصي أو السياسي أو حتى للهدم الثقافي الديني. هؤلاء هم الذين يفتقرون للإخلاص والقدرة على حمل الرسالة كاملة، فتجد غالبيتهم يخوضون فقط في الفروع وينسون جذور العقيدة الثابتة والأصول المتينة. أما أولئك الذين يدركون قيمة التعليم الحق ويعملونه إيمانا واحتسابا، فهم بالفعل ورثة الأنبياء وفقا لما ورد بشأن "إن الله سيبعث لهذه الأمة علماء يؤلفون العلم".
يمتع العلم بعدد من الصفات الجميلة التي تميزه:
- خلوده: برخائه لا يفنى أبدا خلافا لما يجري للأعمال الأخرى -كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- لمدة طويلة فيما بعد رحيله عنه العالم الغابر.
- الثبات والاستقلال: عالم اليوم ليس بحاجة لحراس للحفاظ على مكتسباته المعرفية، بل يحميه عقله وروحه طالما احترم حدود مبادئه وتعاليمه السامية.
- الشمول: يدعم هذا النوع من التعامل الوقوف أمام الحقيقة بكل ثبات واقتناع مدفوع بالحق والخلق الحميد، مسترشداً بمبدأ الشهود الإلهيين حول التوحيد (الشاهد) حسب الحديث القرآني:"شهاد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولي العلم قائمين بالقسط" .
- مكانة خاصة لدى الله: يعد دعاة التعلم جزء من قبيلة خاصّة منهم ولي الأمر المسلم المسؤول عن إدارة مجتمع المؤمنين نحو المنشود بالإصلاح والإرشاد وفق تعليمات ربانية واضحة وصريحة.
- دور مهم إلى يوم القيامة: أكرم الرب جل وعلى أهل الاختصاص بأن يجعلهم المرجع الوحيد لمختلف الموضوعات ذات الصلة بنظمه ودينه منذ بداية التاريخ وحتى آخر الزمان بإذن الواحد الأحد القدوس.
- محور تقديس المصطفى صلى الله عليه وسلم: ركز حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اهتمام المسلمين على اثنين فقط باعتبارهما مصدر ارتقاء وشرف: البحث المستمر عن المزيد من المواهب الجديدة وعيش حياة تجار حسنة تسعى لرعاية قضايانا الوطنية والدينية بشجاعة وبذل جهود مباركة دون انتظار مقابل جزيل سوى رضا مولانا عز وجل ورغم عرض الجزاء الجزيل بالنفس والجسد والجنان وصفوف مقدسية متألقة لمن استحقوها بجدارة واستقامة مما يسمو فوق مجد دنيا محدودة الانتشار والسعة المقارنة بالمستقبل الأخروي الباهر المبشر بسعادة غير نهاية لها!
- الطريق للجنة: اختصر كلام الروح الامين سبيل الوصول للسعادة القصوى بالحياة البرزة وللحياة الأبدية بما يلي: "إذا خرجت روح المؤمن من جسده التقته ملائكة الرحمة فرحين يستقبله برضا وظلال الرحمة وهم يقولون روح عبد الله عبد الرحمن اخرجت إليه من هذه النفس المحبوسة ضمن لباسه الأثواب البيضاء وبكل ميراث حسن عمل تحت قدميه وعلى رأسه تاج من الذهب وعلى كتفه منفضة من المسك وما أعجب رائحتها وطيب عطرها! فيقال له مرحباً بك يا ابن آدم ادخل الجنة!"
- امتداد للنظام العالمي للدين: نسج نظام حكم الاسلام بناء علي أسس شرعية ثابتة ترتقي بها للعليا وتحافظ عليها عبر مشاركتها الفكرية الرائدة حين تتمثل فيها مواطن القلب والعقل الأمثل لاستيعاب كليات ديننا الحنيف وتفاصيله الدقيقة بالتساوي المثالي المناسب للمرحلة المطروحة امامه تحديات متنوعة تحتاج لبحث منطقي مطلع ولسان صادق مؤثر قادر على نقل المعلومة بصورة مفيدة مشوقة تصنع نهضة عظيمة قادمة تجاه نمو حضاري شامل ومتطور باستمرار بدون انتهاء نهائية لأجل تحقيق التنمية الذاتية والنظرية والثقافية والحضرية أيضا...