شهد التاريخ الأوروبي سلسلة من العمليات الحربية المعروفة باسم "الحملات الصليبية"، والتي امتدت لأكثر من قرن ونصف منذ القرن الحادي عشر حتى أوائل القرن الرابع عشر الميلادي. رغم تنوع الدوافع خلف تلك الحركات العدائية ضد العالم الإسلامي، يمكن تجزيء التحليل لتحديد عدة عوامل رئيسية أدت لإطلاق شرارة الحرب الصليبية.
1- الوقود الديني للحرب: الدعوة للقتال باعتباره رحمة وصلاحاً
برز العنصر الروحي كأساس أول وأشد تأثيرا لدى مخططيي ومؤيدي الحملات الصليبية. فقد رأى الزعماء الكنسيون مثلا في القدس مهد تصديقات إيمانية وثيرة لهم. وقد صدق الفكر الطوباوي لهذه المجتمعيات رجال الحقائق الذين غامروا بمقامرتهم برحالة استراتيجية محفوفة بالمخاطر نحو وطن مقدس متروك للتقسيم بالإرهاب والإجرام حسب زعمهم. وبالتالي، فإن غاية تحرير الأرض المباركة وضد إجلاء المغتصبين تسمت بتسميات نبيلة وهي كفارات دينيه وستراتجيهات صحائف اعمال للتائب المبادر للقائها مدفا الحماقات الموجدة بجسد الأنانية البشرية.
2 - السيطرة الاقتصادية للأراضي العربية: طريق الوصول الى الثرائب الثمين
كما لعب الجانب التجاري دورا مؤثرا في تغذية رغبات الانفلات الخارجي عبر طلب المال عبر خطوط المتاجره البحريه الخاصه بهم. وشجع توغل البرتغال عبر مياه البحر الأحمر بسرعة كبيرة تعزيز جذب الرعايا لبناء سفينة جديدة مما عزز حالة المنافسة التجارية الشديدة سواء بالسابع قرن ميلادياً أم لاحقا حين تأسيس كيانات ماليه ابتدعتها مدن بحرية مهمه كالبندقية وجنيف ومارسيليا وغيرهن. وكانت المكافأة مضمونة بشروط عقد إيجار مسبقة مقابل نقلهم لحشود جيوش التحدي للإبحار شرقا، وهو أمرٌ جعل الأمر أكثر تشابكا بين السياسة والدين والمصلحة الذاتية.
3 – التصاعد السكاني للسكان المسلمون والعوامل العسكرية: اعتبار الغزو مفيد بالضرورة
إن الظاهرة الأكثر بروزاً قبل بداية موجة الحملات الصليبية تتعلق بالتمدد الجغرافي للعالم الاسلامي والذي بلغ ذوره عند تناول مناطق واسعه ضمن خريطته التقليديه غرب آسيا الشمالي حتي النهايات اقصى مصر وآسيا الصغيره وما حولها ، وخلال العقود الاخيره لعصور القرون الوسطى، بدأ النفوذ الأوروبي يشعر بخلاف واضح تجاه هذه المشاهد القهرانيه المرئيه لفترة طويلة بلا حدود لها ... إذ شهد عالم أوروبا العام تقلباته من انشطار بعض الحكم المركزي التقليدي للأبرشيات الناشئة حديثاً تحت سيطرتها الخاصة مما خلق بيئة خصبه لانحسار الفرص امام القوات المسلحة المضادة لها خصوصا وأن نموها الداخليه قد وصل لقمه آماله . وهكذا بدأت عملية إعادة النظر لمنظومات الدفاع عنها باتخاذ القرار بالحرب الخارجية كحل ناجح لاستنزاف الطاقة البشرية الوافرة لدى الدولتين المتنافستين سياسيا وعسكريا مستقبلا.
وفي ظل هذه المواقف الداخلية والخارجية مجتمعة نشأت حركة غير منظمة ولكنها مصيرية لأوروبا المسيحية أخذاً بالأخذ وردا رداً وفق منظور تاريخي مجازياً بالقدر نفسه الذي اتبعه العرب المسلمون قبيل فتحهم لسائر بلدان شمال أفريقيا ومعظم الجزيرة الأيبيرية!