المحاسب، ذلك المهني ذو الطبيعة الثنائية بين الفنان الرقمي والعلمي المنظِّم للأرقام؛ فهو ليس مجرد شخص يُدوِّن المعاملات المالية ويصنفها، بل دوره أكثر عمقا بكثير. إن المحاسبين هم الراصدون الذين يسجلون كل حركة نقدية داخل وخارج المنظمة، سواء كانت هذه الحركة كبيرة أم صغيرة.
يتم تسمية هذا المسار الوظيفي "المحاسبة"، وهو مصطلح مستمد من الجذر الفرنسي "Compter" والذي ينحدر بدوره من الكلمة اللاتينية "Computare". إنها عملية تكرارية تؤدي إلى استخلاص الأفكار الرئيسية حول حالة الصحة المالية لأي منظمة.
يتضمن العمل اليومي للمحاسب عدة جوانب رئيسية. أولاً، يشرفون على المستندات المالية الأساسية مثل الفواتير والقسائم والحسابات الأخرى لضمان تسجيل كافة المعاملات بشكل صحيح. ثانياً، يقومون بتنظيم هذه المستندات وإدخالها في نظام المحاسبة الخاص بهم. ثالثاً، يقومون بإعداد تقارير دورية توضح أداء الأعمال المالية للشركة. رابعاً، يحافظون على سجلات دقيقة للمصاريف والإيرادات. خامساً، يعمل المحاسب كجزء أساسي من فريق التحليل المالي الداخلي، مما يساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة بناءً على البيانات المالية.
ومن ناحية أخرى، فإن الأدوار الجديدة للمحاسبين في العصر الحديث تشمل التعامل مع البرمجيات المحوسبة. هنا، يمكنهم تنفيذ إجراءات مثل إدخال التفاصيل الخاصة بمعاملات البيع والشراء، ومتابعة مطابقة مجموعات ودفاتر الحسابات، بالإضافة إلى حفظ نسخ رقمية كاملة من التقارير المالية والاستشهاد بها عند الحاجة. كما يلعبون دوراً حيوياً في إنتاج التقارير السنوية النهائية للشركة.
هدف المحاسبة الرئيسي هو تقديم صورة واضحة وصحيحة عن الوضع الاقتصادي الحالي للشركة. وهذا يتم عادةً عبر ثلاثة مؤشرات أساسية: تحديد مستوى الربحية خلال فترة زمنية محددة؛ عرض الصورة العامة لموارد وثروة الشركة في نهاية الفترة ذاتها؛ وأخيراً تقدير تدفقات الأموال الداخلة والخارجة أثناء تلك الفترة الزمنية عينها. علاوة على ذلك، تساعد العملية أيضًا في مراقبة النظام المالي للشركة وضمان عدم وجود اختلاس محتمل أو أخطاء حسابية.
بشكل عام، يعد المحاسب حلقة أساسية في سلسلة إدارة الأعمال الناجحة. فهم يقدمون منظورًا واضحًا وصريحًا حول الحالة الصحية المالية لكل شركة يستحق الاحترام والتقدير الكبيرين.
