مصر، مهد الحضارات الإنسانية وأقدم دولة معروفة في التاريخ، تحتفظ بتاريخ ثري وملحمي امتد لأكثر من سبعة آلاف سنة. هذه الرحلة الزمنية تعكس قدرة الإنسان المصري القديم على التأقلم مع بيئته الصعبة حول نهر النيل، وتعزز أهميته كمركز تجاري وثقافي رئيسي.
في عام 2772 قبل الميلاد، قام المصريون بتقسيم السنة إلى 365 يومًا - خطوة مبتكرة كانت لها آثار عميقة على تنظيم الحياة اليومية وحسابات الفصول. في نفس الفترة تقريبًا، بدأ الملك زوسر مشروع بناء مذهل عندما أمر ببناء الهرم المدرج الشهير في سقارة. ثم جاء الملك خوفو بعد ذلك بفترة قصيرة ليعرض قدراته الهندسية من خلال تصميم وبناء الهرم الأكبر في الجيزة، الذي ظل أعلى مبنى في العالم لمدة قرنين من الزمان.
ومع مرور الوقت وتحول المركز السياسي، أصبحت مدينة طيبة عاصمة لمصر في حوالي عام 2050 قبل الميلاد. هنا، شهد الشعب المصري تقدمًا علميًا كبيرًا، بما في ذلك التحكم الدقيق في مواعيد الفيضان السنوي للنيل وتطوير أساليب متقدمة للتنبؤ بالمواقيت الفلكية.
وفي فترة الدولة المصرية الحديثة، التي بدأت بإدارة الملك تحتمس الثالث منذ عام 1426 قبل الميلاد، وصلت المملكة إلى ذروتها في السلطة والتأثير. لكن حدث مهم آخر وقع في عهد الملك إخناتون في عام 1375 قبل الميلاد حين دعا إلى توحيد الدين، مما أدى إلى انتقال العاصمة من طيبة إلى تل العمارنة. رغم أنه هدف محترم ولكنه غير مستدام ثقافياً واجتماعياً، إلا إنه ترك تأثيرات جوهرية على المجتمع والدولة المصرية آنذاك.
أثبت الملك رمسيس الثاني نفسه بطلاً حربياً بارزاً أثناء دفاعه عن حدود بلاده ضد الحيثيين. وانتهى الأمر بمعركة قادش الشهيرة باتفاق السلام الأولى المسجلة رسمياً بالتاريخ، وهي علامة فارقة هامة للتسامح الدولي والحوار المبكر بين الثقافات المختلفة.
ومنذ تلك اللحظات حتى عصر ما قبل الإسلام وما بعده مباشرةً، ظلت مصر مركز جذب للإنسانية جمعاء بسبب جمال فنونها ومعابدها وروائعها الأدبية والثقافية الأخرى العديدة التي تركتها لنا لتكون شاهداً حيّاً علي مجدهما ونبوغهما.