في عالم العلوم الاجتماعية، يعتبر علم النفس واحداً من أكثر الفروع تعقيداً وتنوعاً. الشخصية تعد أحد أهم المواضيع التي تناولها هذا العلم منذ بداية القرن الماضي. في الواقع، يمكن اعتبار فهم الشخصية كخطوة أساسية نحو التفاهم الأعظم للبشرية نفسها.
تُعرف الشخصية بأنها مجموعة ثابتة ومترابطة من الخصائص والمواقف والسلوكيات التي تميز كل فرد عن الآخرين. إنها ليست مجرد نتيجة لظروف البيئة الخارجية أو التجارب الحياتية، بل هي أيضاً مزيج بين الجينات الوراثية والتأثيرات الثقافية والبيئية.
منذ أيام فرويد وسيغموند فرويد وأدلر وجونج وغيرهم ممن أسسوا مدرسة التحليل النفسي، كانت هناك نقاشات حادة حول طبيعة الشخصية وكيف تتشكل. وفقا لفرويد، تُصنع الشخصية خلال ثلاث مراحل رئيسية وهي الطفولة المبكرة. أما أدلر فقد ركز بشكل كبير على دور التجربة الإنسانية والأحداث المؤثرة في تشكيل الشخصيات. بينما رأى جونغ أنها تنبع من القوى اللاواعية الداخلية والمعرفة المشتركة بين جميع البشر (اللاوعي الجمعي).
وفي الوقت الحالي، يستخدم علماء النفس العديد من النماذج لتقييم الشخصية ومن أشهر هذه الأنظمة نموذجا "الخمسة العوامل الكبرى" أو ما يعرف أيضا بالنظام الكبير الخمسة والذي يعتمد أساساً على خمس سمات شخصية أساسية: الانبساط، الانبساط الاجتماعي, الجدّية, الاستقرار العاطفي والمرونة المعرفية.
ومع ذلك، فإن البحث مستمر ولا زالت الدراسات تحاول تحديد كيفية تأثير عوامل أخرى مثل التعلم والممارسة والثقافة والعلاقات الاجتماعية على بناء وتشكيل الشخصية البشرية المعقدة. إن القدرة على فهم عميق لشخصيتنا وشخصيات الآخرين قد تساهم كثيرا في تحقيق العلاقات الصحية وتحسين نوعية الحياة العامة للأفراد والمجتمعات.
