رحلة الاكتشاف: تاريخ من تحديات قياس سرعة الضوء

كان سباق قياس سرعة الضوء واحداً من أكثر التحديات إثارة في تاريخ العلوم. هذا الأمر لم يكن مجرد اهتمام رياضي نظرية بل كان له دور كبير في فهمنا للكون. يع

كان سباق قياس سرعة الضوء واحداً من أكثر التحديات إثارة في تاريخ العلوم. هذا الأمر لم يكن مجرد اهتمام رياضي نظرية بل كان له دور كبير في فهمنا للكون. يعود الاهتمام الأوّلي بسرعة الضوء إلى القرن السادس عشر عندما طرح أوليفر رومر فرضية حول وجود "الساعة الفلكية"، وهو ما يُعرف الآن بنظام الثوابت الشمسية. لكن الإنجاز الحقيقي جاء مع غاليليو غاليلي عام ١٦٧٥ حين حاول استخدام القمر كمرجع لقياس السرعة عبر مراقبة زمن عبور الضوء بين الأرض والقمر، إلا أنه وجد العملية صعبة بسبب المسافات القصيرة نسبياً.

في نهاية القرن الثامن عشر، بدأ العالم الفيزيائي الدنماركي أوليه رومر بدراسة حركة الكواكب بناءً على بيانات دقيقة جداً للحركة المدارية للقمر الصناعي المعروف باسم أيوب. ومن خلال ملاحظة اختلاف فترات الزمن التي يستغرقها الشعاع الضوئي لتقطع مسافة ذهاب وإياب بين الأرض والكوكب الآخر، استنتج أن الضوء يسافر بمعدل ثابت وأن هناك زمن انتقال محدد للضوء عبر الفضاء الفارغ. ومع ذلك، هذه البيانات كانت غير مباشرة وغير كاملة بما فيه الكفاية لتوفير تقدير دقيق لسرعة الضوء.

ثم جاء العالم الفرنسي أومرو ليفرون دي لامتريز وأجرى تجربة رائدة أخرى في العام ١٨٤٩ باستخدام انفجار ساطع من النجوم المتغيرة الظاهرية لتحليل البيانات بشكل أكثر تحديداً، مما أدى إلى تخمين جديد لنسبة تقريبية لسرعة الضوء تبلغ حوالي ٢٩٠,٠٠٠ كم/ ثانية. ولكن التجربة الأكثر شهرة والتي قدمت لنا الرقم الدقيق لأول مرة كانت تلك التي قام بها ألبرت أينشتاين وليمان فاولر في الثلاثينات من القرن الماضي. استخدموا تأثير دوبلر النجمي (التغيرات الطيفية الناجمة عن حركتنا بالنسبة للنجم) وتمكنوا أخيرا من تقدير سرعة الضوء بـ ٢٩٩,۷۹۲٫۴۵۸ كيلومتراً لكل ثانية - وهي سرعة تعتبر ثابتة وفقا لنظرية النسبية الخاصة لأينشتاين.

بهذه التجارب والتقديرات العلمية العديدة، تم رسم الطريق نحو فهم قوانين الطبيعة وتعزيز فهمنا للعالم من حولنا بطريقة لم تكن ممكنة بدون معرفة كيفية انتشار الطاقة المرئية لدينا – الضوء نفسه.


عاشق العلم

18896 Blog Postagens

Comentários