لقد شهد تاريخ المغرب تحولا هائلا نحو حكومة أكثر تطورا وحداثة عقب نيله لاستقلاله عام 1956. وقد مر هذا النهضة الوطنية بثلاث مراحل رئيسية يمكن تتبع تقدم البلاد منها:
١ - مرحلة إنشاء الدولة الحديثة: امتدت بين الأعوام ١٩٥٦-١٩٦٢. كانت هذه الفترة مليئة بالإنجازات التي تضمنت تنظيم الجيش الملكي, تقديم عملة وطنية وهي "الدرهم"، وكذلك تعزيز المؤسسات الديمقراطية من خلال سن قوانين مثل القانون العمالي وميثاق الأمور الشخصية والمبادئ التوجيهية الحكومية الرئيسية.
٢ - مرحلة تأمين ونشر النظام الديمقراطي: بدأت من سنة ١٩٦٢ واستمرت حتى ١٩٩٣ حينما صوت الشعب لصالح دستور المملكة الاول. ساهمت هذه الخطوة بتأسيس ملكية دستورية وديمقراطية تعتمد على تعدد الأحزاب السياسية ونظام برلمانياً. اقتصادياً واجتماعياً، فضل المغرب نهجاً ليبرالياً بينما ظل لاعباً محورياً في إدارة السوق المحلية وأطلق مجموعة خطط تنمية موجهة تحديد الأهداف الواضحة. رغم ذلك، ظلت الزراعة هي قطاع الاهتمام الرئيسي للحكومة لتوصيل المجتمعات وحلها مشكلاتها الناجمة عن عملية الانتقال الحاسمة.
٣ - مرحلة ترسيخ دولة الحق والقانون: بدأ العهد الحديث بهذا المسار عندما وصل المعارضة إلى السلطة وتولى الملك محمد السادس زمام الأمر خلفاً لجده عبد الرحمان بن هيدور. قدم دوره رؤية جديدة ومعاصرة للسلطة تقوم على دعم حقوق المواطن وتحقيق العدالة الجنائية. قام بحملة اصلاح شاملة لكل جوانب الحكومة الاجتماعية والاقتصادية من خلال اصدار سلسلة قوانين مهمة تتعلق بالمجال الاقتصادي كالمدونتين التجارية والاستثمارية، والعلاقات العمالية والأسرية، والدفاع عن حرية الإعلام والمعاملة بموجب القانون الجنائي.
كما ارتبط اسم فترة حكم الملك محمد السادس أيضاً بانشاء عدة كيانات اجتماعية تساهم في خدمة الصالح العام مثل مؤسسته الخاصة لدعم الأعمال الخيرية التعليمية، ومؤسسة مبارك خمسة للتآزر، بالإضافة الى وجود هياكل دفاع عن حقوق الانسان ومصالحة وانسحاب للأرواح المضروبة في سنوات الثلاثينات والجهاديات الدمويّة.
بهذه المناورة المقنعة للحكومات الثلاثة، حقق المغرب هدف توضيح صورة كدولة ديمقراطية قائمة علي اسس احترام القانون والحقوق الاساسية للشعب .