كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية فترات حاسمة في تاريخ الإنسانية، مميزة بتطورها الكبير وبتداعياتهما الشاملة التي تركت بصمتها حتى الآن. بدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914 وانتهت عام 1918 نتيجة لتراكم العديد من الخلافات السياسية والإقتصادية بين القوى الأوروبية الكبرى. أحد أهم عوامل اندلاع الصراع كانت نظام التحالفات المعقد الذي كان قائماً آنذاك والذي أدى إلى امتداد الحرب خارج أوروبا وأصبح ما يعرف بالحرب العالمية.
كان النظام الإمبراطوري القديم يعمل بمثابة قنبلة موقوتة. المنافسات الاقتصادية والتوسعة الاستعمارية المستمرة كل ذلك زاد من الاحتقان. بالإضافة لذلك، لعبت الجوانب الوطنية والأيديولوجيات المتعارضة أيضاً دوراً هاماً. ومع دخول الولايات المتحدة الأمريكية للصراع بشكل مباشر، تغير مجرى التاريخ تماماً لصالح الحلفاء الغربيين الذين حققوا الانتصار النهائي ضد قوات المركز.
أما بالنسبة للحرب العالمية الثانية، فقد انطلقت بعد عقد فقط من السلام المشوب بالتوتر العالمي، خاصة مع ظهور النازية الألمانية والفاشية الإيطالية وجدت روسيا الشيوعية كخصوم سياسيون رئيسيون ضمن القوى العظمى الأخرى مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. هنا مرة أخرى، لعب دور التحالف دور كبير، حيث شكل الحلفاء مجموعة تضم الدول الديمقراطية بينما شكل المحور ألمانيا وإيطاليا واليابان تحالفه الخاص. هذه الحرب لم تكن مجرد نزاع عسكري بل كانت كذلك صراع عقائدي وثقافي واسع النطاق.
إن نتائج هذين النزاعين كانت مدمرة ومؤلمة للغاية. لقد أسفرتا عن خسائر بشرية فادحة تجاوزت الـ50 مليون شخص وقتلتهم مباشرة بسبب الأعمال العسكرية. كما سببت دماراً اقتصادياً وفقدان للأرواح البشرية غير مسبوقة. ولكن رغم الظلام الذي شاب فترة تلك الحربين إلا أنهما ساهمتا أيضا في تشكيل عالم جديد بعد انتهائهما عبر اتفاقيات دولية جديدة وحركات اجتماعية ثورية خلال فترة ما بين الحربتين وبعدهما.
في نهاية المطاف، توضح دراسة متأنية لهذه الفترة الزمنية الحساسة مدى تعقيد العلاقات الدولية وكيف يمكن لأصغر المواقف أن تقود إلى مواجهات ضخمة لها تداعيات طويلة المدى تؤثر على حياة الناس اليوم. إنها دعوة للتذكر وللتعلم من الماضي لكي نستطيع بناء مستقبل أكثر سلاما واستقرارا.