يبدأ تاريخ المسلمين بزمن النبوة تحت ظل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويتطور خلال فترة الخلافة الراشدة التي بدأت بمبايعة أبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول الكريم. برز فيها أبو بكر بصفته قائدا رشيدا اختاره مجتمع المؤمنين ليكون خليفته ولم يكن ذلك إلا بسبب اتصافه بالأمانة والإيمان. جاء بعده عمر بن الخطاب بخبرة سياسية عميقة جعلته يوسع حدود الدولة الإسلامية ويقيم العدالة الاجتماعية.
ومن ثم يأتي عهد عثمان بن عفان، المعروف بطيب خلقه وجوده وسكوته أمام الظلم رغم ما تعرض له من اضطهاد أثناء خلافته. ومع ذلك، فإن فترة خلافته قد شهدت بداية انحدار للأوضاع السياسية داخل المجتمع الإسلامي، الأمر الذي زاد حدتها فيما بعد أثناء عهد الإمام علي بن أبي طالب، مؤسس مدرسة أهل البيت الذين كانوا دائما دعاة السلام والعقلانية.
دخلت السياسة الإسلامية مرحلة جديدة عندما وصلت السلطة إلى بني أمية وبداية الخلافة الأموية. وخلال تلك الحقبة، عرف معاوية بن أبي سفيان بأنه المؤسس الحقيقي للدولة المركزية الحديثة، والتي تطورت لتكون نواة للإمبراطورية الواسعة التي سيحكمها لاحقا ابنه يزيد وابنه أيضا الوليد بن عبد الملك الذي سعى إلى تقديم الرعاية الصحية للفقراء بإحداثه لأول مستشفى متخصص في علاج مرض الجدري.
انتقلت مقاليد الحكم بعد ذلك إلى العباسيين الذين استمر حكمهم حوالي خمسة قرون ونصف قرن تقريبًا ابتداءً من سنة ١٣٢ هجري وحتى سقوط بغداد بيد المغول سنة ٦٥٦ هجري. ورغم طول مدتهم بالحكم، فقد شاهدوا ضعف دولتهم نتيجة للتوسعات الجغرافية الهائلة للنظام السياسي وضيق الأفراد حول مفهوم الحرية الشخصية وانقطاع فترات المد والجزر للحروب الدينية.
وأخيرًا وليس آخرًا، دخلت تركيا المسرح العالمي باعتبارها آخر حكام العالم الإسلامي العسكريين وذلك عبر أسرة عثمان باشا مؤسسي الدولة العثمانية القائمة على أساس تضامن المسلمين. وظلت هذه الأخيرة تحافظ على سلطتها الروحية والدنيوية للحفاظ على تماسك الأمة الموحدة حتى انهارت هيبتها أمام غزو أوروبا الحديث لها خلال القرن الثامن عشر ميلادية عقب تنافس غير مسبوق بالإبداعات العلمية المتقنة والحرب الاقتصادية الشرسة والثورات الزراعية الناجحة جداً لدى خصومها الأوروبيين آنذاك مما مكَّن لهم بذلك إعادة رسم خارطة دول الشرق الأوسط وفق مصالحهم الذاتية الخاصة بهم فقط وإنهاء حلم الوحدة العربية القديمة ذات يوم ماضية باتجاه شروق شمس عصر جديد مختلف تمام الاختلاف عن سابقاته المحضة بكل جوانب الحياة الإنسانية كافة بلا استثناء!