في عالمٍ تشكل فيه التواصلات اللغوية نسيج الحياة اليومية, تبقى دراسة لغات الأرض دلالةً على تنوع وثراء التجربة الإنسانية. وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة الأخيرة، هناك نحو سبع آلاف لغة منتشرة عبر حدود الجغرافيا والثقافة. هذه اللغات يشكل بعضها لبنة أساسية للتواصل الدولي، بينما تعد الأخرى مصادر غنية للحفاظ على تاريخ شعوب وحكايات أجيال.
وفيما يتعلق باللغات الرسمية العالمية، يذكر تقرير الأمم المتحدة اعترافًا بست لغات رئيسية كشركاء رسميين في المحافل الدولية. رغم هذا التركيز المقيد، إلا أنه يوجد الكثير ممن يستخدمون لغتهم الأصلية بصورة واسعة النطاق داخل بلدانهم الخاصة، مثل الألمانية، الروسية، البرتغالية وغيرها.
دعونا نخوض في تفاصيل تلك اللغات الرسمية:
- الصينية (الماندرين): تتمتع بمكانة خاصة باعتبارها الأكثر انتشارًا بكثير - فهي محكية محليًا وفي الخارج بواسطة أكثر من 854 مليون فرد. يتم كتابتها باستخدام نظام كتابة قديم ومعقد ويتكون أساسًا من رمزيات تعبيرية تصور الأفكار بدلاً من الصوت.
- الإنجليزية: تستحوذ على المرتبة الثانية بلاشك؛ حيث تتحدثها أكثر من 399 مليون روح حول الكوكب. إنها ليس فقط اللغة الأساسية لأكثر من بلد واحد ولكن أيضًا إحدى وسائل الاتصال الرئيسية في المؤسسات الدولية بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
- الإسبانية: تحتل المركز الثالث بنسبة ما يقترب من 379 مليون شخص يتحدثونه كأساس لعلاقاتهم الاجتماعية والدبلوماسية.
- العربية: بثقة عالية، يحتفل المشهد اللغوي بالعربية كونها اللغة الخامسة الأكثر شيوعًا عالميًا والتي يحلو لها رعاية احتياجات قرابة 1.5 مليار مسلم منتشرين عبر الوطن العربي وغالبية البلدان الإسلامية الأخرى. وقد عرف المجتمع الدولي أهميتها منذ اعتمادها رسمياً ضمن أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سنة ١٩٧٤ .
- الأردو: وهو خليط جميل ومتقدم بين عناصر اللغتين العربية والإنجليزية التاريخيتين مما يعكس قوة الدمج والتكييف والتفاعلات اللغوية المستمرة. ويعيش معظم مستخدميه (~242 مليون) حاليا شرق جنوب شرق اسيا فيما تمتد شعبيتها أيضا غربا لتظهر في مناطق الضفة الغربية ونيودلهي مثلا .
- الفرنسية: أخيرا وليس آخرا تأتي الفرنسية ذات التأثير الواضح والذي ينذر بتزايد تأثيرها حتى وإن لم تكن أحد أشهر اللغات الثلاث الأولى المستعملة الآن وذلك بسبب ارتباطاتها الوثيقة بتاريخ فرنسا وما رافقته لاحقا من انتصارات ثقافية وصعود باريسي للإعلام والميديا والنظم السياسية الحديثة خلال القرن الماضي خصوصا وما تلا ذلك من اندماج فرنسوفوني بين الناطقين بها عبر مختلف أنحاء افريقا والقارة الجديدة الشمالية الجنوبية وكذلك وسط اوروبا .
إن فهم جوهر اختلافات الخطاب العام واستعداداته البيئية يساعد الناس حقا على التعاطي بروح الحياد واحترام الخلفيات المختلفة أثناء الانخراط بالحوارات العامة والشؤون العمومية الملحة جنبا إلى جنب مع تحقيق الرؤية الشاملة تجاه السياقات الفلسفية والجغرافية للجنس البشري برمتها .