يتمثل الماء في قلب الحياة على الأرض، وهو ضروري لنشوء وتطور جميع أشكال الحياة المعروفة. فكيف ينشأ هذا العنصر الشائع؟
يجتمع هيدروجين (H) وأكسجين (O) معًا في عملية تسمى الاندماج. يأتي الهيدروجين عادةً بمظهره الجزيئي H₂، بينما يوجد الأكسجين أيضًا كجزيء O₂. يحدث الاندماج عندما تفصل قوة خارجية جسيمات الهيدروجين هذه، تاركة ذرتي هيدروجين حرتين لكل منها بروتون واحد وإلكترون واحد فقط. تقترب هاتان الجزئتان الحرتان من ذرة الأكسجين وثلاثيها الطبيعي من الإلكترونات. هنا تكمن براعة الكيمياء: تجذب الكهربائية المرتفعة للأكسجين الإلكترونات نحو نفسها أثناء ارتباطها بذرات الهيدروجين. يؤدي الانسجام الرابطي بين البروتون والإلكترون إلى تكوين رابطة تساهمية قوية تربط الهيدروجين بالأكسجين، ويتحول المزيج بدقة إلى H₂O - الماء!
هذه العملية تنبعث عنها طاقة، وهو دليل آخر على الوحدة الخفية في الطبيعة. إن تركيبة H₂O هي مثال كلاسيكي لمبدأ دالتون الرابع للعلم، الذي يقترح أن العناصر تتجمع دائمًا بتناسب رقمي محدد، وفي حالة الماء، فهو 2:1 (الهيدروجين مقابل الأكسجين). ولا يتضمن هذا التفاعل فقدًا أو اكتسابًا للذرّات بل إعادة تنظيم لها فقط، وهي خاصية أساسية للحفاظ على كتلة المسائل كما حدده قانون حفظ الطاقة والقوانين الفيزيائية الأخرى.
إن دراسة شذوذ جزيء الماء لديها مكافآتها الخاصة. فالروابط الشبيهة بالقطب داخل H₂O تولد سلسلة مذهلة من الخصائص الفريدة تشرح قدرة الماء على أدوار متعددة ومتنوعة عبر درجات حرارته الثلاثة: الحالة السائلة والصلبة والغازية. إنه أحد أكثر المركبات ثباتا وشهرة شيوعا على وجه الأرض بما يعادل ~71% من سطح الكوكب. ومع ذلك فإن توافره محدود لدى البشر لاستخدامه اليومي نظرًا لأن معظم احتياطي المياه العالمية عبارة عن مياه مالحة وغير صالحة للشرب مباشرة. تتمتع المياه البحرية بحصة سوقية مهيمنة تبلغ حوالي %96.7 مقارنة بالمياه العذبة (~%). لكن حتى بالنسبة لكميات قليلة نسبيًا من موارد المياه العذبة المتاحة عالميًا فهي ذات قيمة عظيمة وتعطي توجيهًا واضحًا لقضايا الاستدامة المستقبلية مثل إدارة المخاطر المناخية والتوسع السكاني وحماية البيئة والحفاظ عليها ومحاولة ضمان الوصول العادل إلى مورد حيوي لهذا النوع البشري المتزايد باستمرار ولكن ذو الاعتماد الكبير عليه.