تعدّ التربية عملية متكاملة ومتداخلة مع جوانب الحياة المختلفة، وهي ليست مجرد نقل المعرفة فحسب، بل تشمل تنمية القدرات الفكرية والعاطفية والسلوكية لدى الأفراد لتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة وتكييفهم بشكل فعال مع المجتمع. تتشكل خصائص التربية عبر عدة محاور رئيسية ترتكز عليها العملية التعليمية برمتها؛ حيث تسعى إلى تطوير المهارات الحياتية والثقافية للأجيال القادمة وتمكينهم من مواجهة تحديات المستقبل بثقة واقتدار. سنتناول هنا أهم مفاهيم ومبادئ التربية بالإضافة لذكر بعض الخصائص البارزة لهذه العملية الإنسانية الهامة.
تُعرف التربية بأنها "فن وغاية": فن لأنها تحتاج لممارسات مستمرة ودراسة دقيقة لتطبيق أساليب فعالة، وغاية لما تؤديه من دور حيوي في بناء شخصيات أفراد قادرين على المساهمة الإيجابية والمشاركة المجتمعية المتوازنة. فالتربية تأخذ طابعاً شمولياً يشمل الجوانب الروحية والنفسية والجسدية للمتعلم، بهدف تحفيزه واستثمار قدراته العقلية والفنية والإبداعية. كما أنها تدخل في نطاق مسؤوليتنا الأخلاقية كمجتمع تجاه الأطفال والشباب باعتبارهم ثروة الوطن ويجب تمكينهم بالمعارف والمعايير الضرورية ليكونوا جيلاً صالحاً يخدم مجتمعه وينفع ذاته.
ومن بين أبرز خصائص التربية ما يلي:
- التواصل والتفاعل: تتميز العملية التربوية بتفاعلها الدائم ومعاملتها لكل فرد ككيان مستقل بحاجاته واحتياجاته المحددة، مما يستوجب خلق بيئة تعليمية داعمة ومنفتحة تسمح بالحوار المفتوح وبناء علاقات شخصية قوية بين المعلمين والطلاب.
- الانطلاق من الواقع: تعتمد التربية الناجحة على فهم عميق للواقع الاجتماعي والبيئي الذي يعيش فيه المجتمع المحلي، وذلك للاستجابة للتغيرات وتلبية الاحتياجات الملحة للسكان بوضع خطط تربوية تراعي الظروف الاقتصادية والسياسية والقانونية السائدة.
- الشمولية الشاملة: لا تركز التربية على جانب معرفي واحد فقط وإنما تعمل بلا انقطاع نحو توسيع مدارك الطالب وإثرائه ثقافياً وفكرياً واجتماعياً وعاطفياً وقدراً وطنياً صحياً سليماً، وهو مقصد يسعى إليه كل نظام تعليمي حديث ليضمن تزويد طلابه بمجموعة واسعة وآمنة من المواهب والأفكار الجديدة التي ستكون أساس نجاحهم مستقبلاً.
- العمل ضمن فرق متعددة الأبعاد: غالباً ما تكون الفرق المشتركة بين متخصصين في مجالات مختلفة مثل علماء النفس والعلوم الاجتماعية وغيرها عاملاً مشجعاً لتحقيق استراتيجيات تربوية مبتكرة قادرة على ضبط مسيرة التعلم وتوفير خبرات تعليمية متنوعة تجذب انتباه الطلاب وتحافظ على مشاركتهم الأكاديمية المرتفعة لفترة زمنية طويلة بما يكفل ضمان نتائج مرضية لأصحاب القرار وصناع السياسات التعليمية.
- استخدام تقنيات حديثة: رغم عدم طلب الموضوع تضمين ذكر الكلمات التقنية إلا أنه يجدر بنا التنبيه هنا بأنه وفي ظل تقدم عصرنا الرقمي الحالي، فإن اعتماد حلول رقمية مبتكرة للحفاظ على سيرورة التدريس والحصول على خدمات دعم إضافية تُمثل مكسبا هائلا لمنظومة التعليم الحديثة بإذن الله عز وجل.
تجتمع هذه الصفات حول هدف سامٍ يتمثل بكفايات الشخصية المكتسبة خلال فترة الدراسة والتي يمكن تلخيصها بجملة واحدة وهي "إعداد الفرد لحياة كاملة". إن الغرض النهائي للتربية يبقى دائما هو تهيئة أبنائنا للشروع بسلوك طريق مستقيم يؤدي بهم لإحداث تغيير نوعي ايجابي داخل مؤسسات العمل الخاصة بهم وخارج حدود البلاد أيضاً ليكون لهم شأن كبير ونصيب وافر ممن سبقوهم بالسراء والضراء سابقاً وزودونا بخرائط دربهم الخطوط العريضة لتسهيل رحلات البحث العلمي والمساعي المعرفية الأخرى حاليًا وعلى مر الزمن قدر الطاقة البشرية لذلك!