مفهوم العدالة الاجتماعية في الفكر الإسلامي المعاصر: رؤية شاملة لمبادئ وممارسات إسلامية راسخة

تحظى العدالة الاجتماعية بمكانة بارزة في الفكر الإسلامي المعاصر، وذلك انطلاقاً من جذور عميقة ومعايير واضحة ترسخت عبر القرون. يُعتبر مفهوم "العدالة" مرك

تحظى العدالة الاجتماعية بمكانة بارزة في الفكر الإسلامي المعاصر، وذلك انطلاقاً من جذور عميقة ومعايير واضحة ترسخت عبر القرون. يُعتبر مفهوم "العدالة" مركزياً ضمن هيكل الثقافة الإسلامية، إذ يعكس علاقة متوازنة ومتوازنة بين الحقوق والواجبات. وفي سياق العلاقة بين البشر، فإن العدالة الاجتماعية تعبر عن نظام حكم عادل يكفل لكل أفراد المجتمع فرصاً متساوية تنطلق من المساواة وعدم محاباة أحد على حساب الآخر.

تشدد الشريعة الإسلامية بشكل صريح على مبدأ المساواة بين الناس بغض النظر عن خلفياتهم الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية. يؤكد القرآن والسنة النبوية على قيمة الأخوة الإنسانية كأساس لإنشاء مجتمع عادل وشامل. فعلى سبيل المثال، ينص الآية الكريمة ["وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجࣱا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَـٰتِ ۚ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ"](16:72). هذه المقولة تؤكد أهمية روابط الدم والعلاقات الأسرية والتي تعد أساس بناء مجتمع تقوم عليه الروابط القائمة على الرحمة والتعاون المتبادل وليس الظلم والاستبداد.

كما تأتي زكاة المال لتكون إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية الحديثة. فهي فرض عين على مالكي الثروات، تستهدف الفقراء والمحتاجين بهدف تقليل الفجوة المالية بين طبقات المجتمع المختلفة وتحسين الوضع الاقتصادي لأصحاب الحاجة منهم. وعليه، تعتبر الزكاة آلية عملية لإرساء دعائم التكافل الاجتماعي وحماية حقوق الضعفاء والمهمشين، مما يساهم في الحد من مظاهر عدم المساواة المنتشرة غالبًا في اقتصاد السوق الحر الحالي.

وفي إطار الحديث حول حقوق الأفراد وكرامتهم الشخصية، اتخذت التشريعات الشرعية عدداً واسعاً من التدابير لحماية خصوصيات الإنسان وتوفير بيئة داعمة تنمي قدراته وقدراته الطبيعية. ويتمثل ذلك بوضوح في الوصايا الخاصة بحفظ الأنفس والأعراض والعقول والأنساب والممتلكات - وهي الجوانب الخمسة للحريات الفردية لدى الإنسان والتي أكدتها عدة أحكام شرعية مختلفة مثل حدود القصاص والديات والنسب وغيرها كثير. وهذا يدل دلالة واضحة على اهتمام الدين الإسلامي برعاية رفاهية الأشخاص والجماعة الواحدة ككل.

وقد ركز العديد من الباحثين والمفكرين المعاصرين جهودهم لفهم كيفية توظيف المبادئ والقيم الإسلامية الأساسية لتحقيق مستويات أعلى من العدالة الاجتماعية داخل المجتمعات ذات التركيبة السكانية الغير موحدة دينيا وعرقياً وثقافيا. ولعل كتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام" للدكتور محمد قطب يعد مرجعاً رئيسيًا يستخدم كمصدر إلهام لهذه الأعمال البحثية. حيث يقترح فيه سيناريوهين مختلفين لتحقيق نوع جديد من الرقابة الذاتية المنظمة بالنظام الحاكم بالشريعة الإسلامية بدلاً من الاعتماد الكبير السابق على النظام الحكومي التقليدي ذاته، بالإضافة إلى التأكيد المستمر على دور المواطنين ذاته لإحداث تغيير ايجابي نحو مجتمع أكثر تكافؤا بدون اعتداء بعضهما البعض ولكن بتقديم خدمة أفضل للمتنعمين منها سواء كانوا أغنى ام أقل ثراء او مكانة سياسية واجتماعية . إنه نهج شامل يشجع الأفكار التعاونية ويعزز المسؤوليات الجماعية تجاه كل افراد الوطن الواحد بمختلف انتمائاتهم المؤمنة فيها بوجود خالق واحد لهم جميعا والذي أمر بعدم الانحياز لاحدهم علي الاخر ابدا تحت اي ظرف كانت وهو الأصل الرئيسي لما يسمي اليوم بالعولمة الثقافية الجديدة التي تسعى لنشر رسائل المحبة والحوار بين الشعوب المتحابة أصلاً وان اختلفت ألوان بشرهم وألسنت أجداد أولئك الناس القدامي الذين همصل بهم الرسل عليهم السلام برسالات الفضل والإنجازات للإله الواحد جل جبروته عز اسمه .


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات