مدينة طروادة: تاريخ وحضارات عريقة وموقع استراتيجي

مدينة طروادة، الواقعة حاليًا في منطقة "هيسارليك" بشمال غربي تركيا، تحتفظ بثقل التاريخ العريق وتاريخ شهدت فيه العديد من الحقب والحروب القديمة التي أثرت

مدينة طروادة، الواقعة حاليًا في منطقة "هيسارليك" بشمال غربي تركيا، تحتفظ بثقل التاريخ العريق وتاريخ شهدت فيه العديد من الحقب والحروب القديمة التي أثرت بشكل عميق في الثقافة العالمية وآدابها ومن ضمنها الأدب اليوناني الشهير. تتوسط المدينة المضائق الاستراتيجية بين بحر مرمرة والبحر الأسود عبر مضيق داردانيلز مما جعل منها هدفاً جيوسياسياً هاماً لأكثر من قرنين من الزمان.

تعود الجذور الأولى لاستيطان المنطقة إلى أكثر من أربعة آلاف سنة بحسب دراسات علماء الآثار المتخصصة؛ إذ تشير الاكتشافات الأثرية إلى تسلسل سبع مدن متعاقبة بنيت فوق بعضها البعض نتيجة للتخريب والتدمير المستمر الذي تعرضت له تلك البنية السكانية عبر القرون. تتميز هذه الترتيب العمراني الفريد بأن كل طبقة جديدة كانت تبني قلاع وسدود دفاعية أقوى باستخدام مواد مثل اللبن والصخر البلدي للحفاظ والاستمرار ضد خطر الاحتلال الخارجي.

ظلت المدينة فارغة لمدة قرن بعد ذلك حتى أصبحت مركزًا تجاريًا مزدهرًا مرة أخرى بدايةً من القرن الثامن قبل الميلاد، حين بدأ إعادة بنائها كمركز حديث آنذاك لصناعة النسيج والسفن التجارية. ولكن شهرتها العالمية تعود أساسًا لحرب طروادة المشهورة عالميًا والتي تعتبر واحدة من أشهر القصص الأسطورية لدى اليونان القدامى وفترة العصر البرونزي المبكر. وفقًا لهذه الرواية الجميلة والفانتازيا المتداولة حول أحداث حصار واسترجاع العاصمة الطروادية العملاقة، فقد قام قائد يوناني عبقري يُدعى أوديسيوس بتخطيط إحدى أشهر الحيل العسكرية المعروفة باسم خدعة حصان طروادة؛ وهي إرسال سفن مليئة بوحدات خاصة متنكرة داخل قلوب خشب حصان ضخم لم يكن دفاعات التحالف المحلية تنوي البحث عنه. ولم يخفِ شعب المدينة الداخل سر نجاح تكتيكاته الدقيقة إلا عند اقتراب الليلة الأخيرة لنهايتهم المؤسفة بمعركة شرسة وسط زحف قوات الدولة المنافسة نحو قلعتها المركزية الرئيسية بإشراف زعيم انتقامي مجروح النفس وهو ملك سباستيلا ميغنيس.

وتعد مدينة طروادة جزء حيوي من المواقع التاريخية والثقافية التي تستقبل سنويا ملايين السياح الراغبين باستكشاف ذاكرتها التاريخية الضاربة بجذورها العميقة في الماضي البعيد لتكون شاهدًا حيًا على ملحمة بطولات عظيمة لها صداها في صفحات كتب المؤلفين العالميين كالكونت فولتير صاحب رواية "الحضارة". كما أنها مورد جذب سياسي واقتصادي رئيسي لمنطقة الشمال الأوروبي الحالي لما تحتويه كذلك من آثار فلكية وبحرية نادرة القيمة والمقدرة بالملايين.


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات