يعتبر مفهوم "العقد الاجتماعي" أحد أهم مفاهيم الفلسفة السياسية التي طورت فهمنا لبنية وتطور المجتمعات والحكومات عبر التاريخ. ويُعرّف بأنه الاتفاق الضمني أو الواضح بين أفراد مجموعة بشرية -مثل الشعب- وبين السلطة الحاكمة لهم، والذي يقنن حقوق والتزامات الطرفين. وقد ظهر هذا النهج كرد فعل طبيعي لحاجة الإنسان المتزايدة للتجمع والثقة والتعاون للحفاظ على سلامة وأمن مجتمعه النامي.
نشأ مفهوم العقد الاجتماعي من الاعتقاد بأنَّ الطبيعة البربرية للفوضى الاجتماعية يمكن تحسينها بإيجاد نظام سياسي يضمن العدالة والاستقرار. وكان الرواقيون والفلاسفة القدماء سباقاً في التأكيد على ضرورة وجود سلطة مركزية أو حاكم عادل لإدارة شؤون المدينة-الدولة. لكن لم تُبلور رؤية منظمة للعقد الاجتماعي إلا مع عصر التنوير الأوروبي، خاصةً بفضل أعمال توماس هوبز وجان جاك روسو وفيليب موريس غيرفينوسكانث.
ربط جون لوك ولودوفيكو مينيني بفكرة العقد الاجتماعي فكرة المواطن المؤثر بنظام الحكم المنتخب، مما أدخل شكلاً أكثر ديمقراطية لعلاقة الدولة بشعبها. بينما ركز روسو على الجانب الإنساني والعاطفي للعقد، مؤكدًا أنه ليس فقط اتفاق قانوني ولكن ارتباط جوهر إرادة الجماعة العامة أيضًا. كما طور آراء فريدة حول ماهية القانون العام ومصدر سلطته في المجتمع الحديث.
على الرغم من المساهمات الهائلة لهذه النظرية في تطوير السياسة الحديثة، فقد تعرضت انتقادات شديدة كونها غالبًا تركز حصراً على الرجال الأغنياء البيض المستقرين اقتصاديًا، تاركة خلفها العديد من الطبقات المهمشة خارج نطاق اعتباراتها الفلسفية الشرعية. ومع ذلك، فإن تأثير نهج العقد الاجتماعي واضح ولا جدال عليه عند دراسة الخلفيات المؤسسية لدول العالم الحر اليوم.
