يمثل مفهوم الحياة محور اهتمام العديد من الفلاسفة عبر التاريخ، حيث قدم كل منهم وجهات نظر فريدة ومعقدة حول ماهيتها والمعنى الكامن وراءها. في النظرية المثالية لأفلاطون، تمثل الحياة تحقيقاً لأعلى درجات المعرفة، وهو ما يعادل نموذج الخير بالنسبة له. يرى أفلاطون أن الواقع كما نعرفه ليس سوى انعكاس للعوالم الروحية أو النموذج النقي، وأن فهم هذه الأبعاد الأسمى يكمن في سعينا لتحقيق العلوم الخالصة.
ومن جهة أخرى، طرح الفيلسوف الفرنسي كلود برنار وجهة نظر مختلفة تمام الاختلاف؛ إذ يعتقد بأنه بينما يمكن وصف الحياة بسهولة، إلا أنها تشكل لغزا عميقا يصعب استيعابه وفهمه حق الفهم. وهذا التفكير يشترك فيه أيضاً الفيلسوف الإنجليزي تيري إيجلتون، الذي وصف موضوع الحياة بأنه تناقضات مفعمة بالسخرية وبالروح الدعابة.
يشير آرثر شوبنهاور ونيتشه إلى نظرة أكثر تشاؤماً للحياة، حيث يرون فيها تجربة بشرية فوضوية بلا هدف واضح. يؤكد نيتشه أن الفن يساهم في تخفيف وطأة تلك التجربة المرعبة التي توصف بالحياة بسبب بشاعتها وعقمها الداخلي حسب رأيه. اتفق معه سيغموند فرويد جزئياً، فرأى أن ملذات واستمتاعات الجسد هي إحدى الطرق لتخفيف الألم والقهر الناجمين عن واقع البقاء والموت المؤلم للفرد.
وفي المقابل، يعد لودفيج فيتجنشتاين أحد أصوات الاعتراض الرئيسية ضد رؤية شوبنهاور وغيره ممن يحملون تصوراتهم السوداوية تجاه الحياة. يناقض تأويلاته انتقادات هؤلاء الذين يدَّعون الوصول لاتفاقيات نهائية بشأن أسرار الحياة ومفارقاتها. وفقاً لفيتجنشتاين، إذا كان أحدهم مقتنعا بإمساك حلحلة مشكلة ما مرتبطة بحياة الإنسان وتحقق حالة من السلام الداخلي بناءً عليها -بإيحائية زائدة نحو المطمئنين بالأمان النفسي- فعليه ألّا يغفل حقيقة مرور معظم حياته قبل العثور على جواب كهذا! ويعكس تعليق فيتجنشتاين حرصه على إبراز طابع الحيادية اللازمة فيما يتعلق باستنتاجات فلسفية مناهضة لحتمية خلود معرفتنا لكل جوانب الوجود الكونية والحسية. بالإضافة لذلك، يشدد الفيزنشتائي الحرص على تفادي الإنغماس الزائد بموضوع خلق العالم وتاريخ بدء وجوده؛ فاللامحدودية الموجودة ضمن عملية الولادة والخلق تبدو دائما خارج قدرة عقل البشر التقليدية للإحصاء والاستيعاب الدقيق. ومن هنا تأتي أهميته في التركيز عوضا عنها فقط بتفحص مدى تواجد الأشياء وكيف يتم إدراك حضورها أمام عين ناظر متأمل منحاز للأسباب والعوارض الظاهرة فقط بقدرتها الوصفية المحلية الضيقة نسبيا بالمقارنة بغزارة الواسع العام لما يلزم للفهم النهائي لهذه المسائل المركبة الأكثر غموضا وتعقيدا والتي تحيط بنا جميعا يوميا بكل لحظهٍ تمرُّ بسرعه حتى لو كانت مليئه بالإرتباكات الملطفه لأوجاع لامستمع لها إلَّا نفوس مؤمنة بصمود الحقائق الثابتة رغم المد والجزر الزمني المصاحب للتغيرات المستمرة للسلوك العقلي الانسانى منذ القدم وما دونته كتب التاريخ القديمة ذاته !
