البصرة وأصولها التاريخية: رحلة اكتشاف مؤسسي المدينة العريقة

تعدّ مدينة البصرة أحد أهم المعالم الحضارية والثقافية في العراق، وتشتهر بتاريخ غني يعود إلى عصور ما قبل الإسلام. يبدأ تاريخ هذه المدينة الفريدة مع الفا

تعدّ مدينة البصرة أحد أهم المعالم الحضارية والثقافية في العراق، وتشتهر بتاريخ غني يعود إلى عصور ما قبل الإسلام. يبدأ تاريخ هذه المدينة الفريدة مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولكن جذورها تعود إلى فترة سابقة بكثير. يرجع إنشاء أول مجتمع بشري في منطقة البصرة إلى قبيلة كندة العربية القديمة التي استوطنت المنطقة منذ القرون الأولى الميلادية. كانت القبائل البدوية تتجول حول شواطئ نهر الفرات الأدنى قبل قدوم المسلمين بفترة طويلة. ومع ذلك، فإن المؤسسة الرسمية للمدينة ترجع بشكل مباشر إلى الفتح العربي الإسلامي تحت قيادة الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص عام 15 هـ/636 م.

بعد دخوله العراق واستقرار الجيش الإسلامي هناك، أمر الخليفة الثاني للخلافة الراشدة، سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بتأسيس مركز تجاري إداري جديد قرب ساحل الخليج العربي ليكون بمثابة قاعدة لدعم الحدود الشرقية للإمبراطورية الإسلامية الناشئة آنذاك. وقد اختير مكان بناء هذا المركز الجديد بناءً على عدة عوامل منها الموقع الاستراتيجي بالقرب من منابع النفط الطبيعية الوافرة والموانئ البحرية المتاحة للتوسع التجاري العالمي. قام الصحابي الكبير سعيد بن زيد -وهو أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- بإدارة عملية التخطيط والبناء لهذه المستوطنة الجديدة والتي سميت لاحقاً "البصرة".

وقد بدأت مرحلة تنمية البصرة فعليا خلال عهد الأمويين عندما تحولت تدريجياً لأحد مراكز الثقافة والأدب الرئيسية في العالم الإسلامي آنذاك. شهد القرن الثامن ميلادي ازدهارا اقتصاديا وثقافيا ملحوظا للمدينة مما جعل لها دورا بارزا ليس فقط داخل نطاق الدولة الإسلامية بل أيضا خارج حدودها التقليدية عبر طرق التجارة العالمية الرائجة حين ذاك. وبذلك يمكن اعتبار مؤسسي مدينة البصرة هم الزعماء السياسيون والعسكريون الذين شاركوا مباشرة في تحديد موقع ونشر ثقافة وفلسفة المجتمع المحلي مثل صحابة النبي محمد ﷺ ورجالات الدولة الأموية وغيرهم ممن ترك بصمة واضحة ومؤثرة حتى وقتنا الحالي.


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات