كان سقراط شخصية مؤثرة بشكل لا يصدق في تاريخ الفلسفة، ويعد رمزًا للحكمة العملية والمعرفة الإنسانية. ولد حوالي العام 470 ق.م. في مدينة أثينا بشبه جزيرة اليونان، لعائلة بسيطة؛ أبوه نحات وأمه قابلة. منذ طفولته المبكرة، برز حب سقراط للعلم والمعرفة، مما دفعه لاستلهام الأفكار الرائدة للفيلسوف آن ذاك "أناكساغور".
شارك سقراط بنشاط في عدة معارك أثناء الحرب البيلوبونيزية لكن اهتمامه بالعلم والأخلاق جعل منه فردًا متميزًا وسط شباب ذلك الزمن الذين انجذبوا إليه بسبب شخصيته الجذابة ونظرته الثاقبة للأمور اليومية. رغم بساطته الظاهرة إلا أنها كانت تغلف ثراءً عقلياً هائلاً.
يتمثل الأسلوب السقراطي - والذي ساهم لاحقا في تطوير المنطق والفلسفة الغربيين - في فن طرح الأسئلة والاستدلال منها للاستخلاص النتائج بطريقة منطقية ودقيقة. هذا النهج غير المتبع حينذاك جعله عرضة للنقد والسخط لدى بعض السياسيين المحافظين الذين ارتأوه تهديداً لهم وللتقاليد الراسخة. وفي نهاية المطاف حكم عليه بالإعدام بجرعة سامة مخدرة بحجة تشويه العقيدة الوطنية والإفساد بين الشباب.
يبرز إرث سقراط باعتباره واحدًا من أهم الشخصيات الفلسفية عبر التاريخ. فقد خلقت مساهماته الخاصة بفهم النفس البشرية والحياة الاجتماعية أساسا لفروع عديدة من الدراسات الأكاديمية بما فيها الأخلاق والميتافيزيقيا والسياسة. وبينما تقبل البعض رؤياه الروحية والدينية الأخرى، فإن مبادئه الرئيسية تتمثل بإعطاء الأولوية للعقلانية والعيش المُستقيم والسعي المستمر نحو التحسن الذاتي كوسيلة لتحقيق السعادة الحقيقية.
إن نظرياته حول ضرورة استخدام الفلسفة لتوجيه المسار الاجتماعي والنأي بالنفس عن الآليات الدينية التقليدية تُعرِّف نهجه الخاص بكيف ينبغي النظر للعالم وما بعد الموت. فعلى الرغم من موته المؤسف تحت وطأة الحكم السياسي المتحزب، ظلت دعوة سقراط الأبدية للسعي نحو المعرفة مستمرة حتى أيامنا هذه تأسر قلوب المفكرين وصناع الثقافة بالعالم أجمع.