- صاحب المنشور: البركاني بن ساسي
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة العربية تحولاً كبيرًا نحو التعليم الرقمي. هذا التحول يعكس اتجاه عالمي نحو الدمج المتزايد للتكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية. يتضمن هذا التحول استخدام أدوات مثل الحوسبة السحابية، الأنظمة الافتراضية للفصل الدراسي، المنصات الإلكترونية للمتعلمين، وتطبيقات التعلم الذكي. ولكن فيما يوفر هذه التقنيات فرصاً عظيمة لتحسين جودة التعليم وإمكانية الوصول إليه، إلا أنها تثير أيضًا مجموعة من التحديات.
أبرز المكاسب التي توفرها تكنولوجيا التعليم هي القدرة على تقديم تعليم شخصي أكثر حيث يمكن تصميم المواد التعليمية بناءً على مستوى كل طالب وقدراته الفردية. بالإضافة إلى ذلك، تسمح تقنيات التواصل عبر الإنترنت بمشاركة المعرفة بين الطلاب والمعلمين بغض النظر عن الموقع الجغرافي مما يعزز التعاون والعمل الجماعي. كما أنها تساهم في تخفيف الضغط على البنية التحتية التقليدية للتعليم وذلك بإتاحة الفرصة لاستخدام موارد رقمية مشتركة وبالتالي تقليل تكلفة التشغيل.
ومع ذلك، هناك العديد من العقبات التي تواجه عملية التحول الرقمي في مجال التعليم بالدول العربية. أحد أكبر هذه التحديات هو عدم المساواة الرقمية؛ فبينما قد يستفيد البعض بشكل كامل من الخدمات الرقمية، فإن آخرين - خاصة في المناطق الريفية أو الفقيرة - قد لا يتمكنون حتى من الوصول إلى الشبكات الأساسية أو الأجهزة المناسبة للاستخدام الرقمي. علاوة على ذلك، غالبًا ما تُترك المهارات اللازمة لتقييم المحتوى الرقمي والمواد غير الرسمية موثوقيتها جانبًا والتي تعتبر أمر حيوي خصوصًا مع ازدياد حجم المعلومات المتاحة عبر الانترنت.
ومن جانب آخر، يشكل التدريب والتطوير المستمر لمهارات المعلمين وأساتذة الجامعات مهمة أخرى حيوية لكنها تتطلب الكثير من الجهد والإستثمار. إعادة تأهيل هؤلاء الأشخاص ليكونوا مطلعين على أفضل الوسائل الجديدة لأسلوب التعلم العميق والاستقصائي واستخدام الأدوات التفاعلية المختلفة يعد أمراً ضرورياً ولكنه ليس بالأمر السهل التنفيذ نظراً لعامل الوقت والأعباء الأخرى المرتبطة بتلك الوظائف.
وفي النهاية، رغم وجود بعض الصعوبات المرتبطة بهذه العملية، فإن الاستثمار الكبير الذي يبذله المجتمع الدولي والدول نفسها تجاه رقمنة القطاع التعليمي يوحي بأننا سنشهد تقدماً ملحوظاً في القريب العاجل. إن تحقيق ربح استراتيجي بحجم الربح الذي يحمله الانتقال للسياق التقني الجديد يتجاوز بكثير الإشكاليات المؤقتة المصاحبة لذلك التجسير المتوقع لها حلول مستقبلية متعددة الاتجاهات. بالتالي علينا كمجتمع عربي القيام بجسر تلك الهوة بين الواقع الحالي والنظام الآتي كجزء أساسي ومنطلق لبناء مجتمع معرفي قادر على مواجهة التحديات العالمية المقبلة بطريقة مبتكرة وفعالة.