اندلعت الحرب العالمية الأولى بين عامي ١٩١٤ و١٩١٨ بسبب مجموعة معقدة ومتشابكة من الأحداث التي بدأت منذ عقود سابقة. ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى ثلاثة أقسام رئيسية: التصعيد السياسي، والتوترات الاقتصادية والمصالح الاستعمارية، بالإضافة إلى البنية الدفاعية والاستراتيجيات الحربية المتعارضة.

البداية كانت مع "النظام الثلاثي"، وهو التحالفات العسكرية المعلنة والمعروفة والتي تضمنت القوى الكبرى الأوروبية آنذاك. هذا النظام خلق حالة غير مستقرة حيث أصبح لكل جانب خطوط دفاع ثابتة ومباشرة ضد الآخر. الصراع الرئيسي كان محصورا بين تحالفي المركز، الذي ضم ألمانيا والنمسا والمجر وإيطاليا وإيطاليا حتى دخلت في الحرب لاحقا، وتحالف الوفاق الثلاثي الذي شمل بريطانيا العظمى وفرنسا والإمبراطورية الروسية.

بالإضافة إلى ذلك، لعبت الأزمة الدبلوماسية دورا حاسما. مثلت اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند من النمسا وماري تشيسكي في سراييفو، بوسنيّة الحكم بالنمساوي المجري، نقطة اشتعال مباشرة للصراع عندما قررت النمسا إعلان الحرب على الصرب بعد رفض طلباتها للتحقيق في الجرائم المرتبطة باغتياله. ردّت روسيا -التي تربطها صداقة بالصرب- بتعبئة جيوشها مما أدى بدوره إلى تعبئة الجيش الألماني وفقاً لخطة شليffen هجوم عبر بلجيكا لمهاجمة فرنسا بسرعة قبل التعامل مع القوات الروسية الوافدة.

العامل الثالث والأقل ازدحاما هو الجانب الاقتصادي. فقد استغل العديد من الدول الفرصة لاستثمار قوة كبيرة في توسيع حدودها الإقليمية والدخول إلى ما يسمى بالعصر الاستعماري الثاني. ولكن بينما تتنافس جميع القوى لأخذ حصتها من الأرض الجديدة والثروات الطبيعية فيها، فإن هذه السياسة ستؤدي أيضاً إلى تفاقم الخلاف حول النفوذ العالمي وتقسيم المناطق المعينة مثل أفريقيا وشبه الجزيرة العربية وغيرهما الكثير.

وفي النهاية، يمكن اعتبار الحرب العالمية الأولى نتيجة منطقية للتاريخ الطويل من التوترات وعدم الثبات وعدم القدرة على حل المشاكل بشكل سلمي. فهي ليست فقط انعكاسا مباشرا لهذه الظروف الداخلية والخارجية للقوى الرئيسية خلال تلك الحقبة التاريخية؛ بل هي أيضا مثال كلاسيكي لكيف يمكن للحروب الشاملة أن تنشب عن طريق الصدفة أو الخطأ الحساباتي للعواقب المترتبة عليها.