في قلب نظامنا الشمسي، تتراوح درجات الحرارة بين القمم الخانقة والحضيض البارد. وفي هذا المقال، سنستكشف الأماكن الأكثر برودة التي شهدتها كوكبنا الراحل، تلك المواقع التي تحدت حتى مقاومتنا البشرية للتغيرات المناخية. تشكل دراسة هذه الدرجات الدنيا فهمًا عميقًا لعلم الفلك وعلم الجغرافيا وعلم البيئة، بل وتعكس أيضًا مدى هشاشة وجودنا داخل نطاق درجات الحرارة المعقولة.
وتعد درجة الحرارة أحد أهم المؤشرات الفيزيائية التي تقيس الطاقة الحركية لجسيمات المادة. تُحسب حسب الحركة المتزايدة للجزيئات عندما ترتفع درجة حرارتها؛ والعكس صحيح عند الانخفاض. يتم توثيق هذه المقاييس باستخدام مجموعة متنوعة من الوحدات الدولية بما فيها الكلفن والسيلسيوس والفهرنهايت. وعلى الرغم من الاختلافات الطفيفة في كيفية حساب كل منها، فإن الدلالة النهائية واحدة - مستوى الحر والبرودة.
على مر الزمن، فقد سجل المسافرون والمستكشفون اللحظات القصوى لهذه القراءات على الأرض المجمدة لدينا. وإن كان الرقم الرسمي لأقل درجة حرارة مسجلة يعود إلى العام ٢٠١۰ حين وصلت العقارب الرمزية لساعة ذلك اليوم في محطة فوستوك العلمية بانتاركتيكا نحو علامة المعدل السلبي التسعين (${-{94}}^{\circ}\text{C}$). إن بكاء الجليد هناك لم يكن مجرد صوت طبيعة ولكن أيضا نداء تحذيري حول عواقب تغير المناخ العالمية.
إلا أنه يوجد العديد من المنافسين الأقوياء لهذا الموقع الاستثنائي. فعلى سبيل المثال، قد تحمل مدينة "سنَاج" الصغيرة بكندا شرف كونها مكان انخفاض درجة الحرارة الثانية بعد قاعدة فوليتشييفسية الرومانية بنسبة واحد فقط ($\text{-{63}}^{\circ}\text{C}$) وفق التقارير الرسمية عام ١٨٨٥ ميلادي. وفي الجزء الآخر للعالم حيث تلألأت الشمس فوق دولة جرينلاند، تأتي نقطة أخدود آيس شمالي لتسابق المكان الثاني بصمت شديد بلغ حدود $\text{-{66}}^{\circ}\text{C}$. وهكذا، يبدو الأمر وكأن درب الصقيع الأخضر بطول نصف دائرة يحكي قصة تخدع مد وجزر الهواء الجاف المرقط بالأمطار القطبية المكفهرة تحت وطأة القطبين. كما يمكن الإشارة هنا أيضاً إلى اسمين لهما طابع شرقي وهويات روسية شرقية هما فرخيوانسك واويامياكون، وقد شاهدا هبوط مؤشر موازين الحرارتهم لنصف نقطة أخرى $(\text-{69}^{\circ}\text{C} \,\,\,\,\, \text{\&} \,\,\,\,\,-{{71}}{{.}{2}}^{\circ}\text{C})$ على الترتيب فوق مناطق موسكو التاريخية القديمة قبل قرنين ونصف قرن خلت! ولا ينسى الكثير خبر جبل ماكينلي الشهير الواقع بإقليم ألاسكا النائية والذي ظل محافظاً بلا هواده بمعدلات ثابتة تكاد تطاول حاجز الأربعين سلسیاسی $(-{{40}}^{\circ}\text{C})$. أما بالنسبة لقارة القطب الجنوب الأصلانية ، فتتربع قمة دوم آرغوس الفولاذية المتحجرة وسط صفوف غير مثيرة بالقدر نفسه لكنها تبقى مهيبة بتسجيلها لغاية تاريخه الحد الأعلى لوثيقة التجمد الموصوفة $-\text{{{82}}}{{.}{5}}$°س والتي تعود ملكيتها لناصف القرن المنصرم تماما منذ بروز عصر التصوير الفوتوغرافي الحديث في نهايات القرن الماضي الأول والثاني عشر عبر صور فوتوغرافية مذهله التقطتها العدسات آنذاك...